٣ ـ الشيخ الطوسي في النجف الأشرف
تعدّ هذه المرحلة الأخيرة في حياة الشيخ الطوسي ـ رحمهالله ـ حيث امتدت فترة اثني عشر عاماً (٤٦٠ ـ ٤٤٨ ه) وكانت النجف حين هاجر إليها الشيخ قرية صغيرة نائية على مشارف البادية وليس ما يُغري أحداً بالبقاء فيها إلّا مثوى الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ـ عليه أفضل الصلاة والسلام ـ فاختار الشيخ داراً بالقرب من المقام الشريف ، فاجتمع حوله جماعة صغيرة من الطلاب بعضهم من الهاربين وممن نجوا بأرواحهم من أحداث بغداد ، وآخرون جذبتهم شهرة الشيخ وصيته ، وهكذا وضع الشيخ اللَّبِنات الأولى للمدرسة التي بقيت تشع لمدة عشرة قرون ولا زالت إلى أن يشاء الله. وقد واجه الشيخ الطوسي في النجف ظرفاً غير الّذي كان قد ألفه ببغداد ، وينبغي لنا أن نتعرض للحياة والظروف التي واجهها الشيخ في النجف حيث كان له الأثر البالغ في منحى حياته وأسلوب دراسته وخصائص مدرسته ومستقبلها.