الأُصول ، وهو كتاب مبسوط ، أملى علينا منه شيئاً صالحاً ، ومات ولم يتمّه ، ولم يصنّف مثله) (١).
ويلاحظ الدارس ظاهرة غريبة في حياة الشيخ الطوسي في الفترة الأخيرة التي عاشها في النجف الأشرف وخَلُص فيها كلّياً للدرس والمحاضرة ، هي قلة إنتاجه الفكري رغم أنّها فترة امتدت نحو اثني عشر عاماً ولم نعرف له من الكتب خلالها سوى (الأمالي) و (اختيار معرفة الرّجال) و (شرح الشرح) الّذي شرع بتأليفه دون أن يتمه ، ولعلّ هذا ناتج عن قناعته بكفاية إنجازاته الفكرية في بغداد إذ هو بما تميزت به آثاره من غزارة وتنوع قد شارك بكثير من الأصالة والإبداع والتجديد في تحديد الاتجاه العام للثقافة الإسلامية في زمنه وتحديد مستقبلها كذلك. وقد بقيت آراء الشيخ الطوسي في القضايا الرئيسية الفقهية والأصولية تتمتع بنوع من الإكبار لدى الأُصوليين والفقهاء دهراً طويلاً ، وقد تحاشى العديدون الخروج عليها أو نقضها إلّا بعد أجيال عدّة وقد اتسمت محاولاتهم هذه بالجُرأة (٢).
ويستفاد من تتبع تواريخ محاضرات الشيخ الطوسي والتي دوّنت في كتابه (الأمالي) أنّه قد ضَعُفت قوى الشيخ ، وحَلَّ به الوهن في السنتين الأخيرتين من عمره الشريف ، فآخره محاضرة للشيخ (هذا بناءً على أنّ الأمالي يحتوي على آخر محاضرات الشيخ حيث يعدّ كتاب «شرح الشرح» مفقوداً) كان يوم التروية من سنة ٤٥٨ ه وأملي فيها ثلاث روايات ،
__________________
(١) رجال السيد بحر العلوم ٣ : ٢٣٣.
(٢) الشيخ الطوسي : ١٠٦ ـ ١٠٢.