الأُصول فبدأ فقهاء الصحابة بإعمال بعض القواعد الأُصولية المستقاة كالأدلة اللفظية والعقلية ، واستعانوا في استخراج بعضها بالسُّنة النبوية الشريفة ، فكانوا يحملون الأوامر الواردة في الكتاب والسُّنة على الوجوب والنهي على الحرمة ، ويجمعون بين الخاصّ والعام بحمل العام على الخاصّ وتخصيصه ، والمطلق على المُقيّد وتقييده ، والعمل بظواهر الكتاب والسُّنة وحجيته ظاهرهما ، وحمل المتشابه من الآيات على محكماتها ، والاعتماد على الإجماع ، وخبر الثقة ، والمتواتر ، وغيرها من القواعد الأُصولية التي بدأت تتطور شيئاً فشيئاً كلما بَعُد المسلمون عن عصر الرِّسالة ، وتطورت الأمور والأحداث عندهم وواجهوا مشاكل ومستحدثات جديدة. وينبغي التنبيه إلى نقطة هامة في تاريخ نشأة علم الأُصول وتطورها إلا وهو الفارق الزمني بين المذاهب السُّنية والشيعة الإمامية في استعمال علم الأُصول وتطبيقه على الوقائع والأُمور المستحدثة ، فانه لا شك أن فقهاء العامة ومذاهبهم أقدم من الشيعة في استعمال القواعد الأصولية وتطبيقها والاستفادة من معطياتها وذلك لسبب بسيط وهو أن إبداع علم الأُصول جاء نتيجة (ابتعاد عملية الاستنباط عن عصر التشريع وانفصالها عن ظروف النصوص الشرعية وملابساتها ، لأن الفاصل الزمني عن ذلك الظرف هو الّذي يخلق الثغرات والفجوات في عملية الاستنباط ، وهذه الثغرات هي التي توجد الحاجة المُلحة إلى علم الأُصول والقواعد الأصولية) (١) ، فالعامة فقدوا بموت النبي صلىاللهعليهوآله مصدر التشريع فاضطروا للاعتماد على مصدر
__________________
(١) المعالم الجديدة : ٥٢.