آخر يستقي مادته من الكتاب وسنة الرسول صلىاللهعليهوآله ولا تتعارض معطياته مع القواعد العامة التي شرعها النبي صلىاللهعليهوآله ، فبدءوا شيئاً فشيئاً بتطبيق القواعد الأصولية مثل تقديم الخاصّ على العام ، والمقيد على المطلق ، وحمل الأمر على الوجوب ، والنهي على الحرمة ، والاعتماد على الإجماع وأقوال الصحابة ، والقياس ، والاستحسان ، وحجيّة الظواهر في ألفاظ الكتاب والسُّنة وغيرها ، ومع تطور الأمور والأحداث وتعقيدها وابتعاد المسلمين عن عصر التشريع والصحابة ازدادت صعوبة فهم ظواهر الآيات والأحاديث فتطور علم الأُصول أكثر من ذي قبل وتتمثل قمة التطور في علم الأُصول في تلك العصور عند أهل السّنة بظهور كتاب (الرِّسالة) للشافعي الّذي عدّه أهل السُّنة أوّل مدوّنة في هذا العلم. يقول الشيخ محمد أبو زهرة : «والجمهور من الفقهاء [من أهل السُّنة] يقرّون للشافعي بأسبقية بوضع علم الأُصول» (١) ثم ينقل في كتابه الّذي وضعه عن حياة (الإمام الشافعي) عن فخر الدين الرازي قوله : «اعلم أن نسبة الشافعي إلى علم الأُصول كنسبة أرسطو إلى علم المنطق ، وكنسبة الخليل ابن أحمد إلى علم العروض) (٢).
أمّا الشيعة الإمامية فانهم كانوا في غنىً عن هذه القواعد واستعمالاتها إلى بداية عصر الغيبة الكبرى (سنة ٣٢٩ ه) لاعتقادهم بأنه وإن انتهى عصر التشريع بوفاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ولكن الأئمة المعصومين عليهمالسلام كانوا امتدادا له صلىاللهعليهوآله في بيان الأحكام وتبليغه
__________________
(١) محاضرات في أصول الفقه الجعفري : ٦.
(٢) الشافعي : ١٩٧ ـ ١٩٦.