وتفسير القرآن والسُّنة وبيان المقصود من ظاهرهما ، فكانت الإمامية مستغنيةً مدة قرنين ونصف عن قواعد علم الأُصول ومعطياتها لسبب بسيط إلا وهو وجود المرجع والمصدر الّذي يمكن الركون إليه والاعتماد عليه حين مواجهة المستحدثات ، وهذا المرجع هو الإمام المعصوم. واستمر استغناء الإمامية إلى حين غيبة الإمام الثاني عشر عليهالسلام حيث بدءوا بتطبيق القواعد الأُصولية التي كانوا قد أخذوها وتلقّوها عن الأئمة ولكنهم لم يطبقوها لعدم حاجتهم إليها حينذاك ، وعند ذاك بدأ العصر التمهيدي في علم الأُصول عند الإمامية ـ بعد ان كانت العامة وأهل السُّنة قد اجتازت هذا العصر وخطت خطوات كبيرة في مجال تطبيق القواعد الأُصولية ودخلت عصر التصنيف ـ وهو عصر وضع البذور الأساسية وجمع شتات القواعد العامة الصادرة عن الأئمة عليهمالسلام والتي كانت متفرقة في أبواب الفقه المختلفة ، ويبدأ هذا العصر بعَلَمين من متقدمي أعلام الإمامية وهما : ابن أبي عقيل العُمّاني ، وابن الجنيد وينتهي بظهور الشيخ الطوسي.
والملاحظ هنا تقدم أهل السُّنة في تطبيق قواعد الأُصول وتأخر الإمامية في ذلك ، لكن لا يعني تقدم أولئك وتأخر هؤلاء سبق الأول في إبداع علم الأُصول وانتسابه إليه حتى يعدّ الإمامية تابعاً لهم في ذلك ، بل إنّ الإمامية أسبق من العامة في مجال وضع الأبحاث الأصولية وان كانت العامة أسبق في مجال الممارسة والتطبيق بل وحتى تأليفٍ جامع مثل كتاب (الرِّسالة) للشافعي.
يقول الباحث الدكتور أبو القاسم گُرجي : «إنّ لعلم الأُصول أدواراً