فصل ـ [١]
«في ماهية أصول الفقه ، وانقسامها ، وكيفية ترتيب أبوابها»
أصول الفقه هي أدلة الفقه ، وإذا (١) تكلمنا في هذه الأدلة فقد نتكلم فيما تقتضيه من إيجاب ، وندب ، وإباحة ، وغير ذلك من الأقسام على طريق الجملة ، وليس يلزم على ذلك (٢) أن تكون الأدلة الموصلة إلى فروع الفقه ، الكلام فيها كلاما في أصول الفقه (٣) ، لأن هذه الأدلة أدلة على تعيين المسائل ، والكلام في الجملة غير الكلام في التفصيل ، وليس المراد بذلك ما لا يتم العلم بالفقه إلا معه ، لأنه لو كان كذلك لزم أن يكون الكلام في حدوث الأجسام ، وإثبات الصانع ، والعلم بصفاته ، وإيجاب عدله ، وتثبيت الرسالة ، وتصحيح النبوة ، كلاما في أصول الفقه ، لأن العلم به لا يتم من دون العلم بجميع ذلك ، وذلك لا يقوله أحد ، فعلم بهذه الجملة أن المراد بهذه العبارة ما قلناه.
والأصل في هذه الأصول الخطاب ، أو ما كان طريقا إلى إثبات الخطاب ، أو ما كان الخطاب طريقا إليه.
فأما الخطاب : فهو الكلام الواقع على بعض الوجوه ، وليس كل كلام خطابا ،
__________________
(١) فإذا.
(٢) عليها.
(٣) الكلام على ما في أصول الفقه.