قال : إذا كان الماء قدر كرٍّ لم ينجّسه شيء» (١).
وبعد نقل تلك الرواية استطرد المصنِّف بنقل روايات عديدة تسند هذا الرأي فأوصلها إلى ستّة وثلاثين حديثاً صحيحاً أو حسناً أو موثّقاً أو روايةً يؤيّد القول الأوّل (المشهور) وهو أنّ ما نقص عن الكرِّ ينفعل بالنجاسة ، ثمّ قال : «هذه جملة ما وقفت عليه من الأخبار التي تصلح لأن تكون مستنداً للقول المشهور ، وهي كما ترى على ذلك المطلب واضحة الظهور عارية عن القصور» (٢).
ولم يكن عرض الروايات المؤيّدة للقول الأوّل نهاية مطلب المصنّف ولا غاية مبتغاه ، بل قام بعرض الروايات المؤيّدة للقول الثاني ، ومنها صحيحة حريز عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : (كلّما غلب الماء على ريح الجيفة فتوضّأ من الماء واشرب ، وإذا تغيّر الماء وتغيّر الطعم فلا تتوضّأ منه ولاتشرب) (٣). ثمّ يذكر بعد هذا الحديث ثلاثة عشر حديثاً يؤيّد القول الثاني الدالّ على جواز الوضوء والشرب من الماء الذي لاقته النجاسة إلاّ مع غلبة أوصاف النجاسة.
وأمام هذا الكمّ الكبير من الأحاديث المتعارضة كان لابدّ له من تحليل ظروف السؤال والسائل ومعرفة المكان والزمان وطبيعة الحياة زمن النصّ ، وهذا ما يفهم من كلام المصنِّف ملخّصاً ضمن النقاط التالية :
١ ـ إنّ الغالب في السؤال عن مياه الغدران ومياه الطرق هو بلوغها الكرّ الواحد أو أكثر ، وجواب الإمام عليهالسلام كان يلحظ بلوغ الكثرة التي لا
__________________
(١) الحدائق الناضرة ١ / ٢٨٠ ـ ٢٨١.
(٢) الحدائق الناضرة ١ / ٢٨٩.
(٣) الحدائق الناضرة ١ / ٢٩٠.