على تأكّد الاستحباب أو ثبوته جمعاً بين الأدلّة» (١). ثمّ ردّ على ذلك قائلاً :
«أقول : فيه أوّلاً : إنّ ما ذكروه من أنّ لفظ الوجوب في الأخبار أعمّ من المعنيين المذكورين متّجه ، إلاّ أنّه متى كان الأمر كذلك فإنّه يصير لفظ الوجوب في الأخبار من قبيل اللفظ المشترك الذي لا يحمل على أحد معنييه إلاّ مع القرينة ، ومجرّد اختلاف الأخبار ووجود هذه الرواية في مقابل هذه الصحيحة لا يكون قرينةً على الاستحباب. وبالجملة : فإنّ الجمع المذكور غير تامٍّ وإن اشتهر بينهم الجمع بين الأخبار بذلك في كلِّ موضع وأنّه قاعدة كلّيّة في جميع أبواب الفقه في مقام اختلاف الأخبار إلاّ أنّه لا دليل عليه. وأيضاً فإنّه متى قيل بالاستحباب وجواز التصرّف في مال اليتيم فالقول بالوجوب وقوفاً على ظاهر الصحيحة المذكورة أحوط وأولى كما لا يخفى.
وثانياً : إنّ الأظهر هو حمل الصحيحة المذكورة على التقية ، فإنّ الوجوب مذهب الجمهور كما نقله العلاّمة في المنتهى حيث قال : واختلف علماؤنا في وجوب الزكاة في غلاّت الأطفال والمجانين ، فأثبته الشيخان وأتباعهما وبه قال فقهاء الجمهور ونقلوه أيضاً عن عليّ والحسن بن عليّ عليهماالسلاموجابر بن زيد وابن سيرين وعطاء ومجاهد وإسحاق وأبي ثور (٢) ، انتهى.
أقول : وممّا يؤيّد القول الأوّل إطلاق جملة من الأخبار بأنّه ليس في مال اليتيم زكاة ، وظاهر قوله عزّ وجلّ : (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ
__________________
(١) الحدائق الناضرة ١٢ / ١٩.
(٢) المغني ٢ / ٦٠٢.