وَتُزَكِّيْهِمْ بِهَا) (١) ، وهو كناية عمّا يوجب محو الذنوب والآثام ، وهذا إنّما يترتّب على البالغ ، ومنه تظهر قوّة القول المشهور.
وأنت خبير بأنّ ظاهر الصحيحة التي هي مستند الشيخين واتباعهما إنّمادلّ على الغلاّت خاصّة ، وأمّا المواشي فلا دلالة فيه عليها ، وليس غير ذلك في الباب ، ومورد النصِّ المذكور إنّما هو اليتيم وأمّا المجنون فلا نصّ فيه ، مع أنّ المنقول عنهم القول بالوجوب في الموضعين ، ومنه يظهر أنّ حكم المتأخّرين بالاستحباب في الموضعين المذكورين للتفصّي من خلاف الشيخين لا معنى له ، فإنّ الاستحباب حكم شرعي كالوجوب والتحريم يتوقّف على الدليل ، ومجرّد وجود الخلاف ولاسيّما إذا لم يكن عن دليل لا يصلح لأن يكون مستنداً ، وكذا حكمهم بالاستحباب في غلاّت اليتيم ، ومتى حملنا الصحيحة المذكورة على التقية كما هو الظاهر فإنّه لا وجه للاستحباب حينئذ» (٢).
ويمكننا عرض استدلاله ملخّصاً عبر النقاط التالية :
١ ـ طَرَحَ المصنّف عنوان المسألة على شكل استفهامي لا تقريري ، وهو : هل يعتبر البلوغ والعقل في زكاة الغلاّت والمواشي؟ وهذا الأسلوب أبلغ في طرح موضوع البحث من مجرّد ذكر العنوان.
٢ ـ ذَكرَ رواية زرارة ومحمّد بن مسلم الصحيحة التي يُفهم منها وجوب الزكاة على الغلاّت التي يملكها اليتيم.
٣ ـ ذَكرَ ردّ جملة من الفقهاء المتأخّرين على تلك الرواية ، حيث
__________________
(١) سورة التوبة ٩ : ١٠٣.
(٢) الحدائق الناضرة ١٢ / ١٩ ـ ٢٠.