التفريعات وإيراد آراء الفقهاء ، يقوم المصنّف في الغالب وبعد أن يعرّف موضوع البحث بالاتكاء على وسادة فتاوى بقية الفقهاء عن طريق إجماعهم على ذلك أو عن طريق تسمية آرائهم في كتبهم المعروفة ، وغالباً ما يستدلّ المصنّف بالآيات والروايات الصحيحة المسندة عنده ، وتلك قضية اجتهادية محضة ، ولو كان هناك ضعف في سند الرواية فإنّه قد يأخذ بها لأنّها منجبرة بعمل الأصحاب ، وعندها يكون ملزمَاً بالتصريح بمنهجه ذلك بالخصوص ، وعندما يتهيّأ له ثبوت الدليل وقوّته يقوم عندئذ بنسف حجِّية الدليل الأضعف عبر دحضه من مختلف الجهات العلمية ، كحمله على التقية ، أو منافاته للإجماع المتّفق عليه ، أو القصور في فهم الأخبار العلاجية ، أو فقدان المرجّحات المنصوصة. وربّما استدلّ بالقرائن الموضوعية أو الشرعية والقواعد الأصولية كالاستصحاب.
نماذج من منهجه :
ويمكننا عرض منهج مستند الشيعة عبر النماذج التالية :
النموذج الأوّل : حرمة الفقاع : الفقاع هو الشراب المستخلص من ماء الشعير ، وقد اختلف الفقهاء في نجاسته ، فمنهم من قال بنجاسته ، ومنهم من قال بطهارته. والفقاع على قسمين : مسكر وغير مسكر ، فإذا كان مسكراً فهو نجس بالإجماع بدليل قوله تعالى : (فَاجْتَنِبُوْهُ) (١). ومن أجل الإلمام بأطراف المسألة قام المصنّف أوّلاً بعرض الرأي الأوّل القائل بنجاسة الفقاع ، ثمّ قام ثانياً بعرض الرأي الثاني القائل بطهارة الفقاع ومناقشته ، ثمّ
__________________
(١) سورة المائدة ٥ : ٩٢.