الى موضوع العلم وتحقيق هذه المسألة يتوقف على تمهيد مقدمتين (الأولى) أن العناوين المنتزعة عن الشيء (تارة) تنتزع من نفس ذات الشيء كعنواني الأبيض والموجود المنتزعين من نفس البياض والوجود (وأخرى) تكون منتزعة عن جهة خارجة عن ذات الموصوف (وعلى الثاني) فاما أن يكون اتصاف الذات بها باقتضاء نفس الذات لذلك بلا توسط أمر آخر كاتصاف بعض الأنواع والفصول ببعض خواصها مثل المدركية بالنسبة الى العقل وإما أن يكون اتصاف الذات بها يتوسط أمر آخر وعليه فاما أن تكون الواسطة مع ايجابها اتصاف الذات بالعنوان المزبور غير متصفة به أو تكون متصفة به فالاول كالشروط مثل مماسة النار للجسم والثاني كالمقتضيات مثل نفس النار الموجبة لسخونة الجسم المقارب لها (ثم إن) العناوين المنتزعة عن الشيء قد تنسب الى ما اتحد مع ما انتزعت منه وتحمل عليه إما حقيقة أو بالعناية مع عدم عروضها عليه بالدقة (فالأول) كعوارض الفصل بالنسبة الى النوع والجنس فانها بالدقة عارضة للفصل فقط ومع ذلك يصح حملها على النوع والجنس حقيقة (فان قلت) الفصل متحد مع الجنس وجودا فما يكون من خواص الفصل في العروض لا محالة يعرض على الجنس لوحدة وجودهما وبهذا الملاك صح حمل تلك الخواص على الجنس حقيقة كما هو المفروض (قلت) لا ريب في أن هذا الوجود الواحد مشتمل على جهتين اعني بهما الجنس والفصل فما يعرض عليه من عوارض الفصل إنما يعرض جهة الفصل الموجودة فيه وما يعرض عليه من عوارض الجنس إنما يعرض جهة الجنس الموجودة فيه وكون هذا الوجود مجمعا لهذه العوارض الشتى لاجل اشتماله على معروضاتها لا تصحح نسبة كل من هذه العوارض الى كل من الجهتين المجتمعين فيه وإن صح حمل كل من هذه العوارض على نفس الوجود المجتمعة فيه تلك العوارض لوجود ملاك الحمل (والثاني) اعني ما يحمل عليه بالعناية كالسرعة والبطوء العارضين اولا وبالذات لنفس الحركة وللجسم ثانيا وبالعرض اذ في الدقة لا يكون شيء منهما عارضا على الجسم ولا يحملان عليه إلا بالتجوز والعناية لعروض موضوعهما اعني الحركة للجسم فيصح بنحو الحقيقة أن تقول هذا الجسم متحرك ولا يصح كذلك أن تقول هذا الجسم سريع أو بطيء نعم يصح ذلك بنحو التجوز كما لا يخفى ثم إنه قد ينقسم العارض