بملاحظة أخرى الى ما يعرض الشيء استقلالا كعوارض النوع بالنسبة اليه وما يعرض الشيء بالتبع كعوارض النوع بالنسبة الى جنسه ومن هذا القبيل ما يعرض الشيء لأجل جهة تقييدية فيه كعروض الوجوب للصلاة مثلا استقلالا وعروضه لفعل المكلف تبعا بما انه جزء من الصلاة لكونه جنسا لها.
(المقدمة الثانية) أنه قد صرح في شرح الاشارات في باب تناسب العلوم بما ملخصه أن كثيرا من العلوم التي لموضوعاتها عنوان وحداني مشترك بين موضوعات مسائلها ربما تختلف موضوعاتها بالعموم والخصوص فقد يكون موضوع بعضها أعم مطلقا من موضوع العلم الآخر وكونه كذلك يتحقق باحد امور ثلاثة إما بكونه جنسا للاخص كموضوع علم الهندسة الذي هو المقدار وهو جنس بالنسبة الى موضوع علم المجسمات أعني الجسم التعليمي وإما بكونه عرضا عاما للأخص كموضوع علم الفلسفة بالنسبة الى المقدار أو لكونه مطلقا بالنسبة الى الأخص لكونه مقيدا كاكر مطلقة تكون موضوع علم ومقيدة بالحركة تكون موضوع علم آخر انتهى : والذي يستفاد من هذا الكلام هو أن عوارض الموضوع الأخص غريبة بالنسبة الى الموضوع الأعم وإلا لاندرجت مباحث الأخص في الأعم ولما صح تدوين مباحث الأخص علما مستقلا عن الأعم والى ذلك اشار (صدر المتالهين) قدسسره في اسفاره في مقام تمييز الأعراض الذاتية عن الغريبة بما حاصله أن كل عرض يعرض الشيء بعد تخصصه بخصوصية ما توجب استعداده لعروضه فهو غريب بالنسبة اليه وذاتي بالنسبة الى المتخصص بما هو متخصص بتلك الخصوصية وكل عرض يعرض الشيء فيكون بعروضه عليه أمرا خاصا فهو عرض ذاتي لذلك الشيء كالبحث عن استقامة الخط وانحنائه انتهى : ولا يخفى أنه يكون من قبيل القسم الثاني ما لو كان العرض عارضا للشيء العام بسبب تخصصه بخصوصية ما على نحو تكون تلك الخصوصية علة لعروضه لا قيدا لمعروضه ليكون المعروض هو المقيد فيكون العرض غريبا بالنسبة الى العام كما اشرنا الى ذلك في كون مباحث علم النحو اعراضا ذاتية بالنسبة الى موضوعه اعني الكلمة بتقريب أن الرفع العارض على الفاعل والنصب العارض على المفعول مثلا ونحوهما إنما عرض كل منهما على ذات الكلمة بسبب اتصافها بعنوان الفاعل أو المفعول لا أن معروض