صغرياتها بنظر اهل الفن مثل العلوم المدونة لبعض الفوائد التي زعموا ترتبها عليها مثلا علم (النحو) فائدته هو صون اللسان عن الخطأ في المقال كما هو مشهور بينهم مع أنا نرى بالوجدان أن هذه الفائدة لا تترتب على هذا العلم بلا أعمال مقدمات أخرى كتعلم ذلك العلم وارادة تطبيق قواعده في مقام الابتلاء بها (والجواب) عنه بوجهين (الأول) أن وجود هذه الفائدة في الخارج معلول لجملة من المقدمات إحداها وهو اهمها القواعد المسماة بعلم كذا فجميع هذه المقدمات تشترك في تحصيل تلك الفائدة فكل منها له نصيب في التأثير فيه وبما أن التأثير والأثر والايجاد والوجود متحد ان ذاتا وان اختلفا اعتبارا يكون لكل من تلك المقدمات ايضا نصيب من وجود الفائدة واثرها (فان قلت) لا ريب في أن وجود كل واحدة من المقدمات التي تترتب هذه الفائدة على جميعها في حال اجتماعها لا يوجب وجود تلك الفائدة في حال انفراده ولا بعض وجودها فما معنى أن يكون لكل واحدة من تلك المقدمات نصيب في وجود تلك الفائدة (قلت) نحن لا ندعى أن وجود تلك الفائدة يترتب على كل واحدة من المقدمات مطلقا ولو في حال الانفراد كما لا ندعى أن وجود الفائدة تتقسط على المقدمات كذلك بل ندعى أن كل واحدة من المقدمات المزبورة تنفي بوجودها عدم الفائدة الذي يستند الى عدمها لو انتفت وتحفظ حصة من وجود الفائدة في حين اقترانها بباقي اخواتها من المقدمات ففي هذا الحال يكون لكل من المقدمات المزبورة نصيب من التأثير والاثر في وجود الفائدة وعليه تكون قواعد كل علم فى حين اقترانها بباقي المقدمات مستلزمة للفائدة التي نسبت اليها وبهذا الملاك قلنا إنما تجب المقدمة حين انضمامها الى باقي المقدمات الاخرى التي يترتب الواجب على جميعها فى حال اجتماعها ولم نقل بوجوبها مطلقا ولا بوجوبها مقيدا بالايصال وتوضيح الكلام فيها يأتي فى محله إن شاء الله تعالى.
(الثاني) أن الغرض من كل علم يدون هو كونه مقياسا يستكشف به حال الجزئيات التي يرجع فى مثلها اليه من حيث الصحة وعدمها بمطابقتها إياه وعدم مطابقتها فان علم النحو مثلا مقياس يرجع اليه فى مقام استكشاف صحة الكلام الجزئي وعدمها فانطباق المقياس المزبور على الكلام يكشف عن صحته وعدم انطباقه يكشف عن الخطأ فيه وكون علم النحو مثلا بهذا الشأن امر ذاتي له لا يكاد