قال الأصمعي : المسكين أحسن حالاً من الفقير. وهذا اختيار الشّيخ في الجمل والمبسوط وابن حمزة وابن ادريس. وقيل : الأوّل المسكين. قال ابن السكّيت : الفقير الذي له بلغة من العيش والمسكين الذي لا شيء له ، ونقل قول ابن الراعي :
أمّا الفقير الذي كانت حلوبته |
|
وفق العيال فلم يترك له سبد (١) |
وهو اختيار الشّيخ في النهاية والمفيد وابن الجنيد. وقد ذكر المصنِّف دليل الفريقين ، وفي الأخير نظر ، فإنّ الاستعمال الدال على الحقيقة مع الإطلاق ، أمّا مع التقييد بوصف يصلح أن يكون قرينةً للمجاز فلا ، وهنا قيّد المسكين بكونه ذا متربة ، فجاز كونه قرينة إرادة الفقير مجازاً. وأجاب والدي عنه بأنّ المجاز على خلاف الأصل. وهذا البحث ليس من علم الفقه ، بل هو بحث لغويٌّ» (٢).
ونستنتج ممّا سبق :
١ ـ اتّفاق جميع الفقهاء باشتراك الفقير والمسكين في استحقاق الزكاة للنصوص القطعية من القرآن الكريم والسنّة الشريفة.
٢ ـ إنّ الفارق أنّ أحدهما لا مال له ولا كسب والثاني له مال وكسبه لايكفيه ، فمن هو الأوّل ومن هو الثاني؟
٣ ـ اختيار الشّيخ في الجمل والمبسوط وابن حمزة وابن ادريس أنّ الأوّل الفقير (لا مال له ولا كسب) والثاني المسكين (له مال وكسب لا يكفيه) ، ولذلك ـ بموجب هذا الرأي ـ فإنّ المسكين أحسن حالاً من
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) السبد : من الشعر ، واللبد : من الصوف.
(٢) إيضاح الفوائد ١ / ١٩٣ ـ ١٩٤.