وهو فعل الواضع لا بتحقّق الّا مع ملاحظة اللّفظ والمعنى وهو ينقسم بلحاظ تصوّر المعنى الى اقسام وذلك لأنّه قد يلاحظ المعنى الجزئي في حال الوضع ويعيّن اللّفظ بازائه وقد يلاحظ المعنى الكلّى ويعيّن اللّفظ بازائه او بازاء الجزئيّات الّتى هذا المتصوّر كلّى له ووجهه انّ اللّازم في الوضع هو تصوّر الموضوع له في الجملة ولو بالوجه بحيث يمكن الوضع بازائه فاذا لاحظ الكلّى وهو القدر المشترك بين الجزئيّات والأفراد كان كلّ من الجزئيّات والأفراد متصوّرا في الجملة وبالوجه ونفس الكلّى متصورا بالكنه والحاصل انّ معرفة الجزئى بمعرفة ما ينطبق عليه من الكليّات معرفة للجزئى بما هو جزئى لكن لا بكنهه وبخصوصية بل بوجه وفي الجملة ولو لا ذلك لانسد معرفة الصّانع ولزم التّعطيل وهذا التّصور يكفى في مقام الوضع وهنا قسم آخر اختلف كلام القوم فيه وهو تصوّر المعنى الجزئي وجعل اللّفظ بازاء كلّى هذا المتصوّر وقد اثبته جماعة والصّواب فيه المنع وفاقا لقدماء اهل العربيّة وذلك لأن تصوّر الجزئي ليس تصوّرا للكلّى بوجه لأن الخاص بما هو خاصّ ليس وجها للعام كالعكس نعم ربّما ينتقل من الخاص الى القدر الجامع بينه وبين غيره بعنوان النّوعيّة والجنسيّة فيوضع اللّفظ لخصوص نوعه او جنسه ولكنّه خارج عما نحن فيه ويصير من قبيل الوضع عامّا والموضوع له عاما غاية الأمر انتقل الى هذا الكلّى من هذا الخاص وذلك لا يضرّ كما ان اكثر المعقولات انّما يكتسب من المحسوسات فان قلت ما ذكرت من القسم الأوّل وهو كون الوضع عامّا والموضوع له خاصّا ايضا كذلك لأنّ تصوّر الإنسان مثلا بما هو هو بلا تصوّر شيء آخر معه لم يكن كافيا لجعل اللّفظ لأفراده مثلا حيث انّها لم يلتفت اليها بعد بوجه ولو بالوجه ولا بدّ من الالتفات بطرف الرّبط حتّى يتمكّن من ربطه كما هو واضح فح اذا التفت اليه كان متصوّرا بعنوان الفرديّة لهذا المتصوّر فيكون ذلك سببا للانتقال الى المعنى الّذى هو سبب للوضع كما في محل الكلام ايضا الأمر كذلك قلت نعم لا بدّ من الالتفات الى الأفراد الّتى هى طرف الرّبط الّا انّه يكفى في معرفة هذا المتصوّر من حيث انّه هو في الخارج ومتّحد معه ولا يخرجه ذلك من ما تصوّرناه وهو كون الوضع عامّا والموضوع له خاصّا لانّ كل ما انتقلنا اليه من الوجه هو العام ويكون من ما نحن فيه غايته انّه حصل له بواسطة ما تصوّره اولا من الكلّى وذلك بخلاف القسم الممنوع لأن بعد الالتفات الى غير ما تصوّرت من الخاص لا يمكن من الاكتفاء وبهذا المتصوّر الخاص بل لا بد من ان تعقّله بعنوان عام كلّى ككلّى هذا الفرد وهو عام يشتمل جميع ما يقع عليه وعلى غيره في الجواب بما هو هو فيكون من قبيل الوضع العام والموضوع له العام لا ما هو بصدده كما لا يخفى قوله : ولعلّ خفاء ذلك على بعض الأعلام اقول لعلّ مراده من بعض الأعلام الفاضل المحقّق صاحب البدائع حيث انّه بذل غاية المجهود في توضيح هذا