المذكورات بعضها محتاجة الى القرينة وبعضها غير محتاجة اليها وذلك آية كونها موضوعة لذلك المعنى الّذي لا يحتاج الى القرينة فتدبّر وامّا كونهما مما يحصلان باللّفظ ومن افعال المتكلّم كالتلفّظ وليسا من الكيفيّات النفسانيّة فلانّ الخبر والأخبار ممّا هو ظاهر في ذلك ولم يتوّهم احد انّ الأخبار صفة نفسانيّة كذائيّة وإن كان قد توهم في الإنشاء وقبل انّه من الكيفيّات النفسانيّة الحاصلة عند التكلّم بلفظ بعت مثلا والإنشاء ممّا هو مقابل له فهما صفتان متقابلتان يجب اتّحاد محلّهما فمنهما يتواردان في محل واحد ايضا والوجدان شاهد بانّ الأخبار والإنشاء ليسا من قبيل العلم والجهل والحبّ والبغض فقد يحصلان بغير اللّفظ اعنى بفعل آخر من افعال الإنسان كخفض الراس وحركة اليد وغير ذلك فيكون الأخبار والإنشاء حاصلان بذلك الفعل ويتّصف بهما الفاعل كما يتّصف بهما فعله وامّا انّهما ليسا داخلين في مدلول اللّفظ فلأنّ اجزاء القضيّة والمركّب من المحكوم عليه والمحكوم به والدّالّ على النّسبة كلّها موضوعة للواقعيّات من مداليلها بتوسّط الاعتقاد فالنّسبة اللّفظيّة دالّة على الواقعيّة بعبريّة النّسبة الذهنيّة وليست موضوعة لخصوص النّسبة الذّهنيّة لظهور أن ما يفهم من الألفاظ هو المعانى الواقعيّة وهى المتبادر منها والخصوص الواقعيّة فقط لوضوح انّا ننسب مضمونها الى اعتقاد المتكلّم وغرض المتكلّم إراءة الواقع بقنطرية اعتقاده والّا يلزم عدم صحّة انتساب مضمون القضيّة الى اعتقاد المتكلّم ولذا فيما اذا لم يكن معتقدا وعلمنا ذلك لا يسمّى الكلام الملقى منه خبرا ولا انشاء بل يكون الكلام لغوا نحو كلام الهاذل واللّاهى فإراءة النّسبة اللّفظيّة الكاشفة عن الواقعيّة الخاصّة قد يكون غرض المتكلّم ذلك الكشف والإراءة بحسب الذّهن والاعتقاد فيكون لا محالة هنا نسب ثلاثة لفظيّة وذهنيّة وواقعيّة ومن الممكن توافقها وتخالفها فباعتبار الموافقة تسمّى صدقا والمخالفة يسمّى كذبا والكلام ح خبر وقد يكون غرضه من الإراءة المعنى الحاصل بفعله وهو الارتباط الموجود الّذى أوجده وبعبارة اخرى قولك بعت مشتمل على امرين احدهما ايجاد النّسبة من المتكلّم وانّه اوقع النّسبة اللّفظية كإيقاعه النّسبة في ذهنه وثانيهما تحقّق النّسبة وإراءتها النّسبة الذّهنيّة والواقعيّة فإن كان الغرض منه ممحّضا في الأوّل وهو ايقاع النّسبة والرّبط كاشفا عن ايقاعه في النّفس فلا نظر له الى غيره يكون ذلك انشاء وإن كان الغرض متعلّقا بنفس المعنى الاسم المصدرى وكشفه كان خبرا وامّا ان مثل هذا لا يمكن دخله في الموضوع له فلانّ الأغراض الحاصلة من كيفيّة الاستعمال متوقف على الوضع والاستعمال فلا يمكن توقّف الاستعمال عليه للدّور.
واشباع الكلام في المقام في ضمن أمور
الأوّل : انّه لا اشكال في انّ الخبر هو الّذي لوحظ فيه الحكاية عن الواقع والإنشاء هو الّذى لم يلاحظ فيه ذلك بل المقصود منه امر يحصل بالكلام فهذا الفرق بين المفهومين كالفرق بين الاسم والحرف في انّ الحرف ما دلّ على معنى غير مستقل لوحظ آلة وحالة للغير والاسم ما دلّ على معنى مستقل لوحظ فيه الاستقلال ولكنّ الكلام في انّ ذلك الفرق والخصوصيّة داخلة في موضوع له