الّا انّه لما لم يكن بنحو الاختصاص صار الاحتياج الى نصب القرينة فتدبّر ولا يخفى عليك انّ الواضع كثيرا ما يوضع اللّفظ بازاء المعنى وليس يخطر بباله المعاني اللّازمة له لو علم الملازمة وربّما يعلم بعدم الملازمة بينهما فلم يمكن له التفات بغير ما وضع له فلم يتحقق منه وضع بالنّسبة الى الغير اصلا بوجه والقول بانّ الواضع صرّح كليّا بانّي وضعت كلّ لفظ وضعته لمعنى في لوازمه وملزوماته وهكذا قول بلا بيّنة وبرهان مع ما نرى من الوجدان عدمه فيما اذا كنّا نحن الواضع كما في الأعلام اذا وضعناه لأبنائنا ومخترعاتنا وليس ثبت لنا وضع آخر ولا التفات الى وضع كذلك اعنى الوضع النّوعي لفظا ومعنى مع وضوح صحّة الاستعمال ووحدته مع استعمال لفظ لسنا بواضعه بلا فرق بينهما ومن هنا ظهر فساد القولين الوسطين مع معلوميّة انّ ثانيهما افسد من الأوّل ويبعّد الوجه الأوّل ما شاع وظهر من دلالة الألفاظ على معانيها المجازيّة بالوضع وبناء على الأوّل لا مدخليّة للوضع فيه اصلا وانّما الوضع معتبر في تحقّق الموضوع لا انّه سبب للدّلالة كما لا يخفى وما تقدّم من الوجوه لاثبات الوجه الأوّل انّما يصلح لرفع القولين الأخيرين لا الوجوه الأخيرة ويعدّ الاقرب الى الاعتبار هو الوجه الرّابع ولا يخفى عليك انّ حسن الاستعمال انّما هو بلحاظ صحّة فناء اللّفظ وجعله مرآتا له وفناء اللّفظ فى المعنى ودلالته عليه قد يحصل بالوضع وقد يحصل بغيره وما ذكره من حسن الاستعمال بالطّبع إن كان ان الطّبع يحسنه بعد تماميّة الدّلالة فذلك امر مرغوب عنه ولا بدّ ان يقال على هذا انّ حسن الاستعمال فيما وضع له اللّفظ ايضا بالطّبع وإن كان المقصود ان حصول الدّلالة وفناء اللّفظ في المعنى سببه الطّبع كما انّ سببه الوضع فيما وضع له وذلك ايضا غير معلوم لأنّ ذلك الفناء والدّلالة امّا بواسطة طبع اللّفظ او المتكلّم او المخاطب كما قالوا بذلك في الدّلالة الطبعيّة مثل الأح الأح الدالّ على الوجع والقول بوجودها بسببه ليس بواضح المعنى كما لا يخفى فت جيّدا نعم يمكن ان يقال انّ اللّفظ بواسطة الوضع لما صار فانيا في المعنى وكان ما بين المعنى المناسب للموضوع له اللّفظ مناسبة ذاتيّة بينهما بحيث ينتقل الذّهن من احدهما الى الأخر حصل هذه المناسبة بين اللّفظ والمعنى ويمكن اطلاق اللّفظ عليه بتلك المناسبة فيتلخّص من دلالة الألفاظ على معانيها المجازيّة دلالة ذاتيّة غاية الأمر حصولها بسبب الوضع فافهم قوله : وايضا انّ صحّة استعمال اللّفظ الخ القول مقابل الظّ ما سيجيء في كلامه بعد ذلك من احتمال ان لا يكون ذلك من الاستعمال في شيء ولا يخفى عليك انّ صحّة الاستعمال لا يكاد يكون الّا في موضع تماميّة الدّلالة والدّلالة في المجازاة المناسبة لما وضع له انّما يكون بواسطة الوضع ولو بالواسطة حيث انّها بتبعيّة الموضوع له ولا محالة ح يكون الدلالة وضعيّة على المص وامّا استعمال اللّفظ في نوعه وصنفه لما كانت الدّلالة بلحاظ الاتّحاد بالحقيقة والهوهويّة كانت الدّلالة لو كانت عقليّة صرفة