وقد كثر ذلك الإيراد منهم حتّى صار سببا لبيان عنوان لذلك في كلام بعض المتأخّرين بتخيل انّ تماميّته انّما يكون بصيرورة الإرادة جزءا او قيدا للموضوع له ولكلامهما بيان آخر نتكلّم فيه بعد ذلك انش ولم يعهد قول منهم بذلك ولقد اجاد في البدائع حيث قال الإرادة غير داخلة في الموضوع له وما رايت ولا سمعت مخالفا في ذلك نعم نقل عن ابن سينا والعلّامة الطّوسي انّ الدلالة تابعة للارادة وهذا كلام آخر كيف واستحالته ممّا يقضى بها صريح العقل لأنّ الإرادة تابعة للاستعمال والاستعمال تابع للوضع فالوضع مقدّم على الإرادة فلو كانت معتبرة في الموضوع له كانت مقدّمة على الوضع تقدّم الموضوع على الحكم فيلزم تقدّم الشيء على ما يتقدّم عليه وانّ هذا دور واضح انتهى.
وتوضيح المقام بعد ما هو المعروف عندهم من انّ الوضع نحو اختصاص بين اللّفظ والمعنى او العلقة الحاصلة بينهما بحيث يصير ذلك سببا لفهم المعنى والعلم به عند احساس اللّفظ وهو المقصود من الدّلالة ويكون ذلك المعنى هو الموضوع له واللفظ هو الموضوع والدلالة تحصل من الاختصاص الحاصل بينهما بسبب الجعل والوضع المصدرى وهذا الّذى هو طرف العلقة لا يكاد يمكن ان يكون المراديّة والإراديّة صفة له بحيث يكون المجموع موضوعا له وطرفا للعلقة وذلك لأنّ الإرادة لا بدّ ان يراد منها ارادة المستعمل واللّافظ اذ ارادة غيره لا يصحّح الاستعمال بناء على ان يكون الإرادة لها دخلا في الموضوع فالمراد هو ارادة المستعمل ثم انّه لا ينبغي التّامل في انّ المراد بالإرادة ليس هو مفهومها هى المعنى المتصوّر منها بل المراد مصداقها الخارجى وح كان المراد منها خصوص شخص الإرادة الخاصّة بحيث يكون في كلّ مورد من موارد الاستعمال واشخاص المستعملين ارادة خاصّه داخلة في الموضوع له بحيث يصير المعنى بسبب ربطه بتلك الإرادة الخاصّة جزئيّا حقيقيّا كما هو الشّأن فى اسماء الإشارة والحروف على ما تقدّم وايضا الظّاهر ان يكون الدّاخل في الموضوع له هو الإرادة عن اللّفظ لا مطلق الإرادة ولو من غير اللّفظ فاذا كان الأمر كذلك فلا محالة يكون هنا محذورات الأوّل ما اشير اليه في كلام البدائع من لزوم الدّور لأنّ ارادة المستعمل ذات المعنى من اللّفظ انّما يكون ويحصل بالاستعمال بل هى نفس الاستعمال ولا اقل من كونه داخلا في قوامه فدخلها في الموضوع له والمستعمل فيه الّذى لا بدّ من تقدّمه على الاستعمال ويكون الاستعمال متوقّفا عليه دور واضح قوله : لما عرفت بما لا مزيد عليه الخ اقول ظاهره الإشارة الى هذا الوجه الّا ان ما تقدّم منه في بيان ذلك الّذى اشار اليه بقوله لما عرفت قد يتوهّم منه خلاف ذلك حيث انّ جهة الفساد المتقدّم هو تعدّد اللّحاظ المعلوم عدمه لا الدّور ولكنّه توهّم اذا الدّور ايضا جهة الفساد فيما تقدّم حيث انّ اللّحاظ مأخوذ في الاستعمال بذلك القيد يمتنع اخذه في المستعمل فيه ولو القى الخصوصيّة واخذ اللّحاظ في المستعمل فيه ولو لا بذلك القيد فمع لزوم لحاظ آخر للزم تعدّد اللّحاظ وما ذكرنا مستفاد من كلامه فيما سبق