موارد الاستقراء اربعة مسئلة الإناءين والثوب الطّاهر المشتبه بالنّجس والثّوب النجس بعضه مع وقوع الاشتباه فى جميع اجزاء الثوب واللحم المختلط بالمذكّى والميتة فلو كان ملاحظة جريان الحكم فى موارد اربعة على وتيرة واحدة مفيدة للظّن فحصول العلم من الغلبة امر سهل لكن افادة الاستقراء المشار اليه للظّن بعد عدم حجيّة الظّن الحاصل منه على مذاق الاخباريين بل على مذاق ارباب الظنون الخاصّة وان اتفق التّدبير لعدم ابتناء حجيّته على حجيّة مطلق الظّن كما ياتى محلّ المنع كما حرّرناه فى محلّه وان قلت الغرض التمسّك بطريقة العقلاء على اصالة الامكان قلت مع انّ دعوى استقرار طريقة العقلاء على اصالة الامكان خلاف ظاهر العبارة اذ ظاهر العبارة البناء على الامكان من دون تمسّك بشيء محلّ منع واضح لوضوح انّه لم يتداول الشّك فى الامكان بين الناس المقصودين بالعقلاء كيف لا وقد سمعت انكار اصالة الامكان من جماعة من اهل الكلام بل قد سمعت شدّة الطّعن عليه من صاحب الاسفار الّا ان يقال ان الغرض انّ حالة الناس بحيث لو تطرق الشّك فى الامكان يجرون على البناء على الامكان لكنّه يندفع بانه لا اعتبار بهذا الّا من باب كونه موجبا للجزم كما هو الحال لو كان طريقة الناس مستقرة فعلا على البناء على امكان المشكوك فيه لكن لا يتحصّل الجزم بذلك بل الوجه المذكور من اصله محل المنع لعدم ثبوت كون حالة الناس على ترتيب آثار الامكان على المشكوك فى امكانه وللقول بالامتناع وجوه امتنها ان التعبّد بالظن وان لم يكن ممتنعا لذاته لكنّه ممتنع لغيره لأنه يؤدى الى تحليل الحرام وتحريم الحلال بتقدير كذبه فانّه ممكن قطعا وذلك باطل وما يؤدى الى الباطل لا يجوز عقلا اقول انّه اما ان يكون المقصود امتناع التعبّد فى المسألة الّتى (١) لا يمكن فيها ازيد من تحصيل الجزم بالواقع فغاية ما يتمكّن منه المكلّف فيها انما هى تحصيل الجزم لكن يمكن ان يكون الامر من باب الجهل المركّب فلم يصل المكلّف الى الواقع واما ان يكون المقصود امتناع التعبّد فى المسألة الّتى لا يمكن فيها ازيد من تحصيل الظن فانسدّ فيها باب العلم اما على الاوّلين فقد حررنا فى بحث جواز التعبّد بخبر الواحد وجوها بعيدة كلا او بعضا وحرّرنا احكام تلك الوجوه لكن لا يعجبنى تحريرها هنا لبعدها كلّا او بعضا بعد ندرة اصل الوجهين او انعدامهما واما على الاخير فاما ان يثبت تلك التّكليف فى الواقعة أو لا فعلى الاوّل لا بدّ من العمل بالظنّ على ما يظهر مما ياتى فى اصل المسألة وعلى الثانى يعمل باصل البراءة ومع ذلك ينتقض الاستدلال بالعلم وكذا ينتقض بامور معتبرة من باب الظّن او بشرط الظّن او التعبّد الصّرف كالفتوى على القول بكون اعتبار التقليد من باب الظنّ او بشرط الظّن لو قيل به ولعلّه مقالة بعض الاعلام او التعبّد الصّرف والبيّنة على القول باشتراطها بالظنّ والقول باعتبارها من باب التعبّد الصّرف والاستصحاب على القول باعتباره من باب الظّن الشخصى او الظنّ النّوعى او من باب اخبار اليقين وغيرها وامّا القول بالوجوب فربما يستدلّ عليه بانّ مخالفة الظنّ مظنّة للضّرر ودفع الضّرر واجب ضرورة وبانّه لو لم يجب العمل بالظّن لزم خلوّ اكثر الوقائع عن الحكم اذا كثر الوقائع لا يتجاوز امره عن خبر الواحد وهو لا يتجاوز عن افادة الظّن اقول انه ان كان الغرض وجوب العمل بالظّن فى زمان انسداد باب العلم فالمرجع الى القول المعروف من حجية مطلق الظّن فى اصل المسألة كما ياتى ولا باس به لكن ياتى ما فى الاستدلال بوجوب دفع الضّرر وان كان الغرض وجوب العمل بالظّن فى زمان انفتاح باب العلم بالواقع فلا جدوى فى الكلام فيه المقدّمة الرّابعة انّ الظّن ينقسم باعتبار نفسه من حيث الدّرجات الى الظّن الضّعيف الّذى يعتبر عنه لو كان مستفادا من اللّفظ باشعار اللّفظ ومنه ما اشتهر من انّ تعليق الحكم على الوصف يشعر بالعليّة اى عليّة مبدا الاشتقاق والظّن المتوسّط المتعارف والظّن الغالب المتآخم للعلم هذه اصول الدّرجات والّا فلكلّ درجة له درجات وينقسم باعتبار الظان الى ظنّ المقلّد والجاهل القاصر والمتجزى والمجتهد المطلق وباعتبار الزّمان الى زمان انسداد باب العلم وزمان الانفتاح وباعتبار المتعلّق الى الظّن فى الاصولين اعنى اصول الدّين واصول الفقه والظنّ بالحكم الفرعى والظنّ بالموضوع وعلى الثالث اما ان يكون الظن بالموضوع من حيث التحصّل اى الظنّ بالمصداق كما فى الظنّ باطلاق الماء المخصوص وفى حكمه الظنّ بالاعدام كالظّن بعدم التّذكية او الموضوع من حيث الاستنباط وعلى الاخير اما ان يكون الظنّ بالوضع او الظنّ بالدلالة ومنه الكلام فى اعتبار الظنّ النّوعى والظنّ الشخصى فى مداليل الالفاظ وقد اتفق القول باعتبار الظنّ النّوعى من بعض ارباب القول بحجيّة مطلق الظنّ بل ربما قيل
__________________
(١) انفتح فيها باب الواقع بان كان المكلّف يتمكن من اخذ الواقع واحرازه بطريق على لا يتخلف عن الواقع واما ان يكون المقصود امتناع التعبد فى المسألة التى