والنّصارى وعاشرا انّه لم يجعل احد من بدو الخلقة الى يومنا هذا ولا يجعل الى يوم القيمة احد من الموالى للعبيد ولا احد من المطاعين للمطيعين طريقا من الاعتقاد او غيره لاستخراج المقاصد ولو كان الاطاعة مقتضية لجعل الطريق لجعل الموالى والمطاعون طريقا للعبيد والمطيعين بل اختلف الطّريق المجعول من الموالى والمطاعين على حسب اختلاف المذاق والسّليقة فمن ذلك ينكشف انّ طريقة الله سبحانه ايضا لم يكن على جعل الطّريق كيف لا ولا يرضى العقل باختصاص الله سبحانه بجعل الطّريق فى مقام الاطاعة مخالفا لطريقة المطاعين من عبيده ولا سيّما مع قوله سبحانه وما ارسلنا من رسول الّا بلسان قومه حيث ان مقتضاه كون طريقة الله سبحانه مع الناس هو المماشاة معهم بطريقتهم وحادى عشرا انّه لو كان البناء من جانب الله سبحانه فى هذه الشّريعة او سائر الشّرائع على جعل الطّريق من باب الاعتقاد او غيره لامر النّبى صلىاللهعليهوآله وكذا سائر الانبياء على نبيّنا وآله وعليهم السّلم أمّتهم بالامساك عن العمل بالاحكام حتى يتبيّن لهم الطّريق وبالله من سواد سوداء خيال الجعل انى اعظكم ان تقوموا لله مثنى وفرادى ما بصاحبكم من جنّة وثانى عشر ان جعل الطريق فى هذه الشّريعة او فى سائر الشّرائع يقتضى الاغماض عن الواقع وهو يشبه التصويب وهو مقطوع العدم فى هذه الشّريعة وكذا فى سائر الشّرائع وكذا جعل الطريق من المطاعين للمطيعين يقتضى اغماض المطيعين عن الواقع وهو ايضا مقطوع العدم وبالجملة ليس طريقة الشّريعة فى استخراج الاحكام الّا الطّريقة المتعارفة بين الناس من بدو الخلقة الى يوم القيمة فى استخراج المطيعين مقاصد المطاعين وان قلت انّ مفهوم آية النبأ مثلا لا بدّ من حمله على كون الغرض اعتبار خبر الواحد من حيث الخصوصيّة لوجهين احدهما نقل الاجماع من العلّامة على عدم جواز العمل بالظّن مع امكان العلم فى قوله الاجماع واقع على ان تسويغ العمل بالظن مشروط بعدم العلم والآخر قبح ترجيح المرجوح على الرّاجح قلت كلا من الوجهين مورد الايراد امّا الاول فبعد ما يظهر ممّا مرّ فاولا لان نقل الاجماع من العلّامة بعد اعتبار الاجماع المنقول وبعد قصور العبارة المذكورة لظهور العلم فى العلم بالفعل ولا معنى لدعوى عدم جواز العمل بالظّن مع قيام العلم بما يخالف الظّن كما هو المقصود لاستحالة الظّن مع قيام العلم بما تخالف الظّن او بالعلم بما يوافق الظّن او الاعم وكذا الحال فى نقل الاجماع على ذلك فلا بدّ من حمل العلم على العلم بالقوّة اى امكان العلم مع تخصيص العلم بالعلم بما يخالف الظّن معارض بما نقله المدقق الشّيروانى من انّ الظّاهر من الاصحاب وغيرهم من الاصوليّين جواز اتباع الظّن فى الفرعيّات وان لم يحصل النّاس من اليقين بل ولو ظنّ امكانه وهذا الاجماع المنقول مقدّم على ذلك الاجماع المنقول اعنى الاجماع المنقول فى كلام العلّامة بعد اعتبار الظّن فى الاصول ويوهنه بعد اعتبار ذلك وثانيا انّ اعتبار الاجماع المنقول فى كلام العلّامة مبنى على اعتبار الظّن فى الاصول واعتبار الاجماع المنقول وثالثا انه لا وثوق لى بتتالى الفتاوى غالبا فضلا عن نقل تتالى الفتاوى وامّا الثّانى فاولا لانه اين العمل بالظّن مع امكان العلم بالخلاف من ترجيح المرجوح على الرّاجح اذ المدار فى ذلك على ترجيح المرجوح مع وجود الرّاجح لا ترجيح المرجوح مع امكان الرّاجح وثانيا لان امكان العلم بالخلاف غير مطّرد اذ ربما يعلم المجتهد الظان بعدم تطرق العلم بالخلاف له بمزيد الفحص او التّامّل وربما يعلم بتطرّق العلم بمؤدّى الظن فامكان العلم بالخلاف انما يتمّ فى صورة احتمال المجتهد الظّان تطرق العلم بالخلاف وامّا تجويز غير الظّان امكان العلم بالخلاف للظّان فى عموم الموارد فلا عبرة به الى م اقول وحتّى متى قد اسفر الصّبح وارتفع الظّلام وتبيّن الخيط الابيض من الخيط الاسود من فجر الحقّ فى المقام بعون الله الملك العلّام وامّا المقام الثانى فالكلام فيه بعد التوقّف فى المقام السّابق فمن يقتصر هنا على العمل بالظنون الخاصّة انّما يجرى على تلك الظّنون لكونها هى القدر المتيقن ومن يقول باعتبار مطلق الظن انّما ينكر الترجيح او كفاية الرّاجح فالاقتصار على الظّنون الخاصّة هنا شبيه بالقول بحجيّة الظّنون الخاصّة ونظيره انّه قد يحمل المطلق على المقيّد من الظن بالتقييد وقد يؤخذ بالقيد من باب شبه التقييد لكون المقيّد ضعيف الدّلالة غير صالح للتقييد فيؤخذ بالمقيّد من باب الاخذ بالقدر المتيقّن بل كلما كان الحكم العملى مطابقا المحكم الاجتهادي فالحكم العملى شبيه بالحكم الاجتهادى وبعد ما مرّ اقول ان القائل بحجيّة الظّنون (١) متفقان على حجيّة الظّنون الخاصّة فالدّليل الدال على حجيّة الظّنون الخاصّة بعد الدّلالة يكون دالا ما به الاشتراك ولا دلالة على ما به الامتياز ولا شكّ فى ان الامتياز فى باب الظنون الخاصّة فى جهة الخصوصيّة والاطلاق فانّ القائل بحجيّة
__________________
(١) الخاصّة والقائل بحجية مطلق الظن