سلمنا ثبوت الاحكام فى كلّ واقعة بهذا المعنى لكن لا نسلم بيان الجميع للرّعية لعدم دليل عليه بل فى بعض الاخبار تصريح وتلويح بعدم بيان كثير منها ويشعر بذلك ما فى بعضها من كونها مخزونة عند اهله وحينئذ فلا معنى لكوننا مكلّفين بالجميع بل المسلم منه ما وصل الينا بطريق علمىّ او ظنّ معلوم الحجيّة فان البيان المسلم للجميع انما هو للمشافهين ومقتضاه ثبوت التكليف بالجميع لهم لا لنا ومشاركتنا لهم فيما لم يصل الينا باحد الطّريقين فى خير المنع سلمنا لكن مقتضاه كون كلّ واقعة بالنّسبة الينا متعلّقا لحكم من الاحكام وهذا غير مفيد لاثبات حجيّة الظنّ فانه غير مستلزم لثبوت التكليف بمعنى الالزام فى جميع الوقائع وقد يقال نقلا ان المراد ببقاء التكاليف الواقعيّة فى غير المعلومات ليس التكاليف الواقعيّة التى باب العلم بها مسدود حتى يلزم القبح او التكليف بما لا يطاق بل المراد التكاليف الظاهريّة الّتى تقوم مقامها عند تعذر العلم بها وقد يقال ايضا نقلا المراد التّكاليف الواقعيّة لكن المراد من بقائها وجوب الاتيان بها او بما يكون بدلا عنها حين تعذّر العلم بها فلا قبح ولا تكليف بما لا يطاق نعم لو كان المراد من بقائها وجوب الاتيان بها من حيث انها هى من غير ان يكون لها بدل لاتجه الاشكال والظّاهر ان مرجع هذه المقالة الى بقاء التكاليف الظاهريّة اذ التّكليف الظّاهرى اعمّ مما كان موافقا للواقع وما كان مخالفا له فالمرجع الى المقالة السّابقة الا ان التصرّف هنا فى البقاء والتصرّف فى المقالة السّابقة فى التكاليف والذى يقوى فى النظر ان يقال ان المصالح والمفاسد الواقعيّة تقتضى تكاليف واقعيّة من الوجوب والحرمة وليس اظهارها من الشّارع المقدّس الّا من باب الكشف عن الواقع بناء على كون الحسن والقبح عقليّين ولا يختلف ولا يتخلّف آثارها الدّنيوية لكن ترتب العقاب عليها منوط ومشروط بالعلم والجاهل معذور ولكن بعد الفحص فعلى المجتهد الفحص عن الوجوب والحرمة المنوطين بالمصلحة والمفسدة الواقعيتين وعلى المقلد التقليد وربما يقال ان الابتلاء بالمفاسد النفس الأمريّة والحرمان عن المصالح الواقعيّة ان كان من غير تقصير يجب على الله سبحانه ان يعالج بترياق المغفرة ودواء المرحمة لوجوب اللّطف على الله سبحانه ويضعف بما حرّرناه فى البشارات فى بحث الاجماع من وجوه نقضا على دعوى وجوب اللطف بمعنى ما يقرب الى الطّاعة ويبعد عن المعصية والظّاهر ان اللطف بمعنى التفضّل المناسب للمقام لا يقول احد بوجوبه نعم لو فعل المجتهد او مقلده فعلا بعنوان الوجوب وحسبانه وكان غير واجب فيمكن القول بوجوب الاجر عليه ولو فى الجملة من باب العدل مضافا الى الاجر على الانقياد بناء على تعدّد الاجرين فى الواجبات الاجر على الفعل على حسب ما يقتضيه المصلحة المكنونة فى سرّ الفعل الداعية الى وجوبه والاجر على الانقياد واما بناء على القول بانحصار الاجر فى الانقياد فلا مجال للاجر على الفعل فى المقام ويمكن ان يقال ان العدل انّما يقتضى وجوب ايصال ما يقتضيه الفعل من الاجر وعدم الاخلال به على تقدير المطابقة للواقع والمفروض المخالفة للواقع لفرض عدم الوجوب واقعا والعدل لا يقتضى مراعاة العبد باللطف فى الخطاء وانظر انه لا يلتزم احد من الموالى مراعاة خطاء العبد فى فعله بالانعام ولو كان المولى فى اقصى اعتدال الحال نعم اللطف والانعام اولى واحسن لكن الاولويّة غير الوجوب والكلام فى الوجوب وبالجملة فالتكاليف الواقعيّة باقية لكن التكاليف الظّاهرية غير باقية فربما كانت بحيث حصل العلم بها للمشافهين فوجب عليهم امتثالها لكن من لم يتحصّل له العلم بها من اهل الحضور او الغيبة معذور قال المحقّق القمّى فى مقام بيان حجية الظّنون اللفظية للمشافهين بعد التمسّك بطريقة العرف والعادة فالشّارع اكتفى فى المحاورات مع اصحابه بما حصل لهم الظنّ فى التكاليف والسرّ فى ذلك مع ان المحقّق عند اصحابنا هو التخطئة وان حكم الله الواقعى واحد فى نفس الامر انّ عمدة العمل فى التديّن والايمان بالله هو اصل التّوحيد وخلع الانداد والاضداد والتّسليم والانقياد وتوطين النفس على تحمل المشاق الواردة من قبله تعالى فالاحكام الفرعيّة وان كانت من الامور الحقيقيّة المتاصّلة النّاشية عن المصالح النّفس الأمريّة لكن العمدة فى تاسيسها هو الابتلاء والامتحان وتقوية الايمان بسبب الامتثال بها من جهة انها طاعة فاذا فهم المكلّف من خطاب الشّارع فهما علميّا بنفس الحكم وامتثل به فهو جامع للسّعادتين اعنى الفوز بالمصلحة الخاصّة الكائنة فيه والفوز بالمصلحة العامة التى هى نفس الانقياد والإطاعة واذا فهم فهما ظنيّا على مقتضى محاورة لسان القوم الّذى انزل اليه الكتاب وبعث الرّسول عليه فهو وان فقد المصلحة الخاصّة لكنه ادرك المصلحة العامّة بل عوض عن المصلحة الخاصّة لئلّا يخلو عمله عن الاجر وفاقا للعدل لحصول الانقياد بدونه ايضا