وبعد ملاحظة هذا يندفع ما يتوهم من انه كيف يجتمع هذا مع القول بكون الاحكام ثابتة فى نفس الامر فى كل شيء على نهج مستقرّ ثابت وان التّصويب باطل والحاصل ان المقصود بالذات من الخطاب وان كان حصول نفس الحكم النفس الامرى لكن يظهر من جعل الشارع مناط التفهيم النطق بالالفاظ التى جرت عادة الله سبحانه بانها لا تفيد فى الاغلب اليقين انّه راض بهذا الظنّ ويكتفى به عما أراده فى نفس الامر لانه غير فاقد للمصلحة ايضا وقد نقلنا كلامه بطوله لكثرة فوائده قوله جرت عادة الله سبحانه بانّها لا تفيد فى الاغلب اليقين مقتضاه انه لو افادت الالفاظ للعلم لكان المفاد عين الحكم النّفس الامرى لكنه كما ترى لوضوح عدم لزوم مطابقة الواقع فى الجزم مضافا الى ان مقتضاه كون دلالة الالفاظ بعادة الله سبحانه وهو كما ترى فهاهنا دعوى امرين الاول بقاء التّكاليف الواقعيّة ويرشد اليه انّ مقتضى كلام جماعة الاجماع على بقاء التكاليف الواقعيّة كما يظهر ممّا مرّ والانصاف انه لا حاجة الى التمسّك بنقل الاجماع والامر كاد ان يكون ضروريّا بل هو ضرورى ومع هذا نقول ان الضّرورة قضت ببقاء التكاليف الواقعيّة من دون اختلاف بثبوت الطّريق من العلم او العلمى وعدمه نظير ما ذكره بعض اهل الكتاب فى الإيراد على السّيّد السّند النجفى حيث منع تبعا لما روى عن الرّضا عليه السّلم فى المناظرة مع صاحب الجاثليق عن نبوّة موسى او عيسى الذى لم يخبر بنبوّة سيّد الانبياء صلىاللهعليهوآله جوابا عن استدلال البعض المذكور على نبوّة موسى او عيسى بانّها القدر المتيقن من انّ نبوّة موسى او عيسى لا تشتبه على احد من المسلمين ولا يختلف حالها بالاخبار بنبوّة سيّد الانبياء صلىاللهعليهوآله وعدمه الّا ان يقال ان اقصى ما قضى به الضّرورة عدم سقوط التّكاليف حتى التّكاليف الظّاهرية واهمال امرنا بالكلّية لابقاء التّكاليف الواقعية إلّا ان يقال ان ضرورة عدم السّقوط ناشية من ضرورة البقاء نظير ما اوردنا به على المحقق القمّى فيما ذكره فى باب الشك فى المكلّف به من انه لو لا الاجماع على حجيّة ظن المجتهد لكان مقتضى الاصل جواز ترك المكلف به بالكلّية من ان الاجماع المذكور من باب الاجماع على لزوم امتثال التكليف الاولى وشمول الاطلاق لحال الجهل لا من باب الاجماع على حكم ثانوىّ الّا ان يقال ان الاجماع وان كان حاله كما ذكر لكن الامر فى المقام لو كان من باب انقلاب التكليف الواقعى الى التكليف الظّاهرى فليس بقاء التكليف الظاهرى من باب بقاء التكليف الواقعى وليس ضرورة عدم السّقوط من باب ضرورة البقاء ومع هذا نقول انّه لو لا بقاء التكاليف الواقعيّة يلزم التّصويب ولا معنى للتخطئة المتفق عليها عند الاصحاب على تقدير عدم بقاء التّكاليف الواقعية والمقصود بالتخطئة هو ان كلّ شيء محل حكم من جانب الله سبحانه على حسب ما يقتضيه المصلحة والمفسدة الواقعيّة فان علم بها المكلّف كان هذا حكما واقعيّا وحكما ظاهريّا بناء على مطابقة العلم للواقع والا كان حكما ظاهريّا فقط وعلى ما ذكر يجرى الحال فى الظنّ المعتبر وان لم يعرفها لا بالعلم ولا بالظّن المعتبر عموما او خصوصا مع الفحص فلا تثريب عليه إلّا ان يقال ان من يمنع عن البقاء يلزمه القول بالاهمال فلا يقول بحجيّة ظنّ المجتهد حتّى يلزم التّصويب الّا ان يقال ان ذلك المقال من باب المماشاة والتنزّل عن الاهمال بان من يمنع عن البقاء ان انكر حجيّة ظن المجتهد فيلزم الاهمال وان قال به فيلزم التّصويب ومع هذا نقول انّه لو لم يتعيّن البقاء فلا يتعيّن الانقطاع فلا اقلّ من الشك فى البقاء فالاستصحاب يقتضى البقاء على حسب المعنى المقصود بالبقاء بناء على اعتبار الاستصحاب فى باب الشكّ فى اقتضاء المقتضى اذ الشكّ فى المقام من باب الشك فى اقتضاء المقتضى الّا ان يقال ان الاستصحاب لا يفيد الظنّ بالبقاء فى باب الحكم سواء كان المشكوك بقائه من الاحكام المستمرة نوعا الى يوم القيمة بعد فرض الشّك فى الاستمرار شخصا بكون الشّك فى اقتضاء المقتضى كالشك فى الخيار او وجوب ردّ السّلام من حيث الفوريّة وعدمها او غيره كالشّك فى انت خلية وبريّة من حيث وقوع الطّلاق به او كان الشك فى استمرار الاحكام المجعولة فى زمان انفتاح باب العلم وان كان مقتضى ما ذكره المحقق القمّى من الاستقراء فى افراد الممكن واحكام الموالى والعبيد والاحكام الشّرعية القول بالظّن بالبقاء فى باب استصحاب الاحكام لكن كلامه فى الشك فى اختصاص الحكم بآن الصّدور او زمان الحضور لا فى الشكّ فى الاحكام المستمرّة الى يوم القيمة واخبار اليقين لا تشمل المقام وان قلنا بشمولها للشّكّ فى اقتضاء المقتضى فى باب الاحكام المستمرّة الى يوم القيمة كما هو الاظهر كما انّها لا تشمل استصحاب الحكم الثّابت فى زمان الصّغر أو فى بعض الشّرائع السّابقة على الوجه وان قلت انه لا مجرى للاستصحاب