سورة الملائكة مكّية وهى خمس وأربعون اية
ربّ يسّر وتمّم بالخير
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) اى خالقهما ومبدعهما من غير مثال سبق من الفطرة بمعنى الشق العدم بإخراجها منه والاضافة محضة لان فاطرا بمعنى الماضي فهو صفة لله (جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً) وسائط بين الله وأنبيائه والصالحين من عباده يبلَّغون إليهم رسالاته بالوحى او الإلهام او الرؤيا الصالحة او بينه وبين خلقه يوصلون إليهم اثار صنعه. واضافة جاعل الى الملائكة لفظية لان جاعلا قد عمل فى رسلا ولا يجوز اعماله فى المفعول الثاني الا ان يكون عاملا فى الاول لانه من ملحقات افعال القلوب لا يجوز اقتصارها على أحد المفعولين والمعنى يجعل الملائكة رسلا فى الحال او الاستقبال الى محمد صلىاللهعليهوسلم وخواص أمته فقوله جاعل بدل من الله وليس بصفة (أُولِي أَجْنِحَةٍ) بدل من رسلا (مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) صفات لاجنحة قال قتادة ومقاتل بعضهم له جناحان وبعضهم له ثلاثة اجنحة وبعضهم له اربعة اجنحة وليس هذا للحصر ولدفع توهم الحصر قال الله تعالى (يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ) فى الملائكة وغيرها (ما يَشاءُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (١) روى مسلم فى الصحيح عن ابن مسعود فى قوله تعالى لقد راى من ايت ربّه الكبرى قال راى جبرئيل فى صورته له ست مائة جناح ـ ورواه ابن حبان بلفظ رايت جبرئيل عند سدرة المنتهى له سبع مائة جناح ينشر من ريشه الدر والياقوت ـ والجملة مستأنفة للدلالة على ان تفاوتهم فى ذلك انما هو مقتضى مشيته تعالى ومودى حكمته لا امر يستدعيه ذواتهم والاية متناولة لزيادات الصور والمعاني كملاحة الوجه وحسن الصوت وسماحة النفس والعقل والفهم وغير ذلك فما قال ابن شهاب ان المراد به حسن الصوت وقال قتادة الملاحة فى العينين وقيل هو العقل