في الغالب فيقال لمن عرف زيدا باسمه وشخصه ولم يعرف أنّه أخوه : «زيد اخوك؟» ولمن عرف أنّ له أخا ولم يعرف اسمه : «أخوك زيد؟» انتهى كلامه (قده) والمقصود من هذا كلّه أنّ اوّل ما يتبادر في الذّهن هو المتعيّن للموضوعيّة. وفي قضايا الأصول أيضا اوّل ما يتبادر فى الذّهن هو الحيثيّة المشتركة بين محمولات المسائل وهي «الحجّة في الفقه» كما أنّ في سائر العلوم أيضا اوّل ما يتبادر في الذّهن هو الحيثيّة المشتركة الثّابتة بين محمولات مسائل هذا العلم الّا انّ هاهنا قاعدة اخرى ذكرها علماء المنطق في بعض أبحاثهم (١).
وهي أنّ كلّ كلّيّ إذا قيس إلى ما يحمل عليه من الأفراد فهو محمول بالطّبع فإنّ شأن الكليّة هو الصّدق على كثيرين ممّا يقع تحته من الأنواع أو الأفراد والصّدق على الأفراد عبارة أخرى عن الحمل عليها وعلى هذا كلّ واحد من المفهومين أعمّ من الآخر يقع الأعمّ محمولا والأخصّ موضوعا للقضيّة بالطّبع فلو كان المفهوم الأخصّ هو المتبادر أوّلا يتعيّن ذلك للموضوعيّة بالملاكين وبحسب القاعدتين ويقع الأعمّ محمولا عليه لأنّه الأعمّ ولأنّه المجهول المطلوب علمه عند المخاطب. وأمّا لو كان المتبادر أوّلا هو الأعمّ فهو وإن كان موضوعا واقعا لأنّه المعلوم الحاضر عند ذهن المتكلّم والسّامع والأخصّ يكون محمولا واقعا لأنّه المجهول ثبوته للموضوع الّا أنّه مع كونه كذلك يكون هذا المفهوم الأعمّ محمولا على الأخصّ ويقع الأخصّ موضوعا لمكان أعميّة المحمول بالإضافة إلى الأمر الأخصّ لما عرفت أنّ شأن الكليّة هو الصّدق على الكثرات الواقعة تحتها فالكلّي يصدق على فرده لا أنّ الفرد يصدق على الكلّيّ.
ومن تلك الموارد الّتي يكون المحمول مع كونه معلوما صالحا للموضوعيّة أعمّ من الموضوع هي موضوعات العلوم بالقياس إلى عوارضها الذّاتيّة لأنّ الحيثية السّارية في تمام
__________________
(١) (١) ـ قال العلّامة الطّوسي قدسسره القدّوسي في شرحه لمنطق الإشارات : «كلّ محمول فهو كليّ حقيقيّ لأنّ الجزئيّ الحقيقيّ من حيث هو جزئيّ لا يحمل على غيره وكلّ كليّ فهو محمول بالطّبع على ما هو تحته وربما يخالف الوضع الطّبع كقولنا : الجسم حيوان أو جماد.» (المقرّر)