وتجدر الاشارة الى ان بعض العلماء يسمي النص على الواقعة الجعل الأولي ، أما النص على وظيفة الفقيه في مواطن حيرته فيسميه الجعل الثانوي ، وأيضا يسميه بمتمم الجعل ، لأن السكوت عن مثل هذا النص نقص في الشريعة.
وأيضا من متمم الجعل ، النص على نية التقرب الى الله في العبادة بعد النص على العبادة بالذات ، حيث لا يمكن بحال نية الطاعة لأمر الله تعالى إلا مع وجود الأمر ، ومعنى هذا انه لا بد في العبادة من أمرين : أمر بها ، وأمر بنية التقرب.
وأيضا من متمم الجعل ، السير للحج قبل أوان شعائره ، ووجوب الغسل على المستحاضة قبل الفجر من أجل الصوم. (انظر قول النائيني في تقريرات الخراساني ج ٣ ص ٤٠ و ١٢٣ طبعة سنة ١٣٥١ ه).
والقصد من الاشارة الى متمم الجعل هنا هو أولا : لاحظت ان أكثر طلاب الأصول أو الكثير منهم يجهلون الفرق بين الجعل الأولي والثانوي المتمم له حتى بعد فراغهم من دراسة الكفاية والرسائل مع ان مكان هذا الفرق في أول درس من دروس الأصول. ثانيا : ان معرفة الفرق بين الجعلين تلقي بعض الأضواء على الفقرة التالية ، وهي :
تقسيم الأصول الى لفظية وعملية
دأب علماء الشيعة على تقسيم أصول الفقه الى نوعين ، وأطلقوا على النوع الأول اسم (الأصول اللفظية) ، لأن أكثر مباحثه في تحديد دلالة الظاهر من اللفظ على معناه كصيغة الأمر والنهي ، والعام والخاص ، والمطلق والمقيد ، والمنطوق والمفهوم ، لأن لدلالة الألفاظ وظواهرها أثرا ملحوظا في تفسير النصوص الشرعية واستنباط الأحكام منها. وأيضا يبحث علماء الشيعة في الأصول اللفظية دلالة وجوب الشيء على وجوب مقدمته ، وعلى تحريم ضده ، وجواز اجتماع الأمر والنهي عقلا باعتبار ان الوجوب والتحريم يستنبطان في الغالب من الخطابات الشرعية. ويأتي التفصيل.
وأطلقوا على النوع الثاني اسم الأصول العملية ، لأن أهم مباحثه هي الأصول التي يطبق الفقيه عمله على مقتضاها عند عدم النص ، وقسموا هذه الأصول إلى قسمين : شرعية كأصل الإباحة ، والاستصحاب على قول ، وعقلية كأصل الاحتياط والتخيير.