ما يظهره اللفظ حتى مع الظن بوجود المخصص والمقيد والصارف .. أجل ، لو حصل الشك في ظهور اللفظ ووجوده من الأساس وفي تمامه وانعقاده لا فيما يعرض له بعد وجوده وتمامه ، لو حصل ذلك ـ لامتنع التمسك والأخذ بالظاهر حيث لا عين له ولا أثر. وبديهي انه لا نقش بلا عرش. وسلام على من قال : «ولا أظن الله يعرفه».
وشاع على ألسنة أساتذة هذا الفن وطلابه : «الأحكام تتبع الأسماء» أي ان معاني الألفاظ ومدلولاتها هي موضوعات الأحكام الشرعية ، وان علينا أن نتعبد بها لمجرد دلالة الألفاظ عليها سواء أحصل لنا الظن الموافق لها ، أم الظن المخالف ما دام هذا الظن المعاكس بلا دليل يعضده.
ويتفرع على ذلك ان أي كلام تصورنا له معنيين : أحدهما لا تحتاج إرادته الى ضميمة ومزيد من البيان على الكلام الموجود بالفعل. وثانيهما تحتاج إرادته الى بيان زائد ، لأن دلالة الكلام الموجود لا تفي به ، ولا تتسع له ، اذا تردد حمل اللفظ على أحد هذين المعنيين ـ تعين حمله على الأول ، لأن المعنى الزائد لا ينكشف إلا ببيان زائد ، والمفروض عدمه. ومثال ذلك أمره تعالى بني اسرائيل على لسان موسى بأن يذبحوا بقرة دون بيان قيد أو شرط. ولو انهم منذ البداية ذبحوا بقرة ، أية بقرة ، لامتثلوا وانتهى الأمر ، لأن إرادة الخصوصيات تحتاج الى بيان زائد ، وهو منتف بالأصل ، ولكن الإسرائيليين كانوا وما زالوا يرفضون الأصول والقواعد ، ومن هنا شدد سبحانه عليهم ، وباءوا بغضب منه.
ومما تقدم يتبين معنا ان أصل بقاء العام على عمومه ، والمطلق على إطلاقه ، واصل عدم النقل والاشتراك والتقدير ، كل اولاء وما اليها من الأصول اللفظية مردها جميعا الى أن الأخذ بالظاهر هو الأصل ، وما زاد لا يعمل به ، أي ان الأصل اللفظي يثبت وينفي ، يثبت ما دل عليه الظاهر وينفي ما زاد عليه.
احفظ هذا فإنه أساس في الاستنباط ، وإطار عام لجميع الأصول اللفظية التي لا يعذر الفقيه بجهلها ، ولا بنسيانها لأنها تماما كالفاعل مرفوع والباء حرف جر.
الحقيقة الشرعية
الشرط الأساسي في القضية الدينية أن ترتدي صفة الوحي ، وتنسب اليه موضوعا