في كلام الشارع على الدعاء ، والزكاة على النمو ، والحج على القصد ، والصوم على مجرد الإمساك ، والوضوء على النظافة ، والتيمم على التعمد إلا مع القرينة مثل («إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ) ـ ٥٦ الأحزاب». أي يعظمون من شأنه ، ومثل («فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ) ـ ٣٢ النجم» ـ أي لا تثنوا عليها (هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى). أما الاغسال الشرعية فهي دائما أو غالبا مع القرينة في كلام الشارع والمتشرعة مثل غسل الجنابة والحائض والمستحاضة والميت. وإذن فأين هي الثمرة والفائدة من هذا النزاع القائم المرهق؟.
بين الشرع والعرف واللغة
سبقت الإشارة الى أن أية كلمة من ألفاظ العبادة وردت في كلام الشارع بلا قرينة ـ فإن الفقهاء يحملونها على المعنى الشرعي. والآن نتساءل : إذا كانت كلمة الشارع من غير ألفاظ العبادة كاللعان مثلا ، وكان لها في الشرع معنى ، وفي العرف العام آخر ، وفي اللغة ثالث ، ولا قرينة حالية أو مقالية على واحد بعينه ، إذا كان الأمر كذلك فأي معنى نقدم؟.
الجواب :
ان أمكن حمل كلمة الشارع على المعنى الشرعي ـ أي لا تنفيه الدلائل ـ فهو المقدم ، لأن كل متكلم يحمل كلامه على عرفه واصطلاحه حتى يثبت العكس ، وان تعذر الحمل على الشرع لسبب أو لآخر حملت الكلمة على العرف العام ، لأنه الأكثر والأغلب في التخاطب ، هذا ان وجد عرف عام في عهد الشارع وإلا تعين الحمل على اللغة.
وكذلك الشأن في غير الشارع إذا نطق بكلمة في عقد أو نذر أو وقف أو وصية وما أشبه ، وترددت كلمته بين المعنى الشرعي والعرفي واللغوي ـ فإنها تحمل حتما على لغته هو وعرفه ، وان خالف الشرع فضلا عن اللغة. وعلى هذا الأساس قرر الفقهاء العديد من الأحكام الشرعية في المعاملات والالتزامات.