عن شأنه ومكانته ، كما يقال : هو عريض القفا كناية عن البله والبلادة ، ولكن الكناية عن العلو شيء ، واعتباره قيدا لمدلول الأمر شيء آخر.
وتسأل : إذا لم تعتبر العلو أو الاستعلاء في مفهوم الأمر فبأي شيء نحترز من طلب الداني والمساوي؟
الجواب :
إن أمر الداني والمساوي يدل بالوضع على الوجوب تماما كأمر العالي ، ولكن الطاعة لا تجب إلا بحكم العقل ، وهو لا يحكم بها إلا اذا صدر الأمر من العالي بحق حيث لا قدسية لغيره.
اتحاد الطلب والارادة
هذه المسألة مكانها في علم الكلام ، لأنها كلامية بحت ، ولا تمت الى الفقه وأصوله بسبب ، ولكن علماء السنّة أشاروا اليها في كتب الأصول ، وفي مبحث الأمر بالخصوص لا لشيء إلا لمكان كلمة الأمر والطلب ، وتبعهم جماعة من علماء الشيعة ، وأطالوا الحوار نقضا وإبراما بلغة العلّامة المتعمق لا بلغة خالي الذهن وطالب الفهم! وأشرنا اليها نحن لإعطاء فكرة واضحة عن أصل الموضوع وبقصد التسهيل وشق السبيل الى فهم عبارة الكفاية المقررة للتدريس وغيرها ، وليكون الطالب على بينة مما يقرأ ويسمع ، ولا يخبط في التيه ، وهو في توهمه الطريق الواضح.
بين المعتزلة اتباع واصل بن عطاء ، والأشاعرة ـ وهم السنّة ـ أتباع أبي الحسن الأشعري ، بين هاتين الطائفتين خلاف كبير في العديد من مسائل العقيدة .. والشيعة الإمامية يلتقون مع السنّة في بعض هذه المسائل دون المعتزلة ، وأيضا يلتقون مع المعتزلة دون السنّة في بعضها الآخر (١). ومن هذا البعض مسألة اتحاد الطلب والإرادة.
__________________
(١) في آخر كتاب معالم الفلسفة الإسلامية فصل بعنوان الإمامية بين الأشاعرة والمعتزلة ـ ذكرت فيه طرفا من هذه المسائل. وللأخ العلامة السيد هاشم معروف كتاب خاص باسم الشيعة بين الأشاعرة والمعتزلة.