فقه الإمام
في أول المقدمة لكتاب فقه الإمام جعفر الصادق (ع) بينت بأوضح عبارة وأطولها أن الهدف منه هو مجرد التيسير والتسهيل على من يجهل هذا الكنز الثمين ، ويرغب في معرفته ، ولا يجد اليها سبيلا ، لأن المراجع الأصيلة في هذا العلم تفتقر الى مترجم عملاق في حل الألغاز والطلاسم ، وكتاب «فقه الإمام» حطّم هذا الطلسم ، وكشف ستره وأمره ، وأي كتاب لا يأتي بجديد مفيد ، أو يذلل الصعب القديم فمآله النسيان والهجران.
وحدثني أمين في قوله وفعله أنه حضر مجلسا أثنى فيه عبد من عباد الله على كتاب «فقه الإمام» بقصد التقرب الى الله. فقال شيخ خادش كان مع الحاضرين : وما ذا فيه غير الترديد لما قال الفقهاء؟ نطق الشيخ بهذا وهو يعلم أن السلف كصاحب الجواهر والحدائق والمسالك وغيرهم كثير قد ألفوا في الفقه وكرروا ورددوا ما مضى القول فيه من السابقين الأولين ، لأن طبيعة الموضوع تضطرهم الى ذلك.
وليس من شك اني لو جئت بما لا يعرفه أحد من الفقهاء لطار الشيخ فرحا وقال : تعالوا وانظروا يا ناس ما فعل مغنية! لقد أحيا البدع ، وأمات السنن! نظرة واحدة الى دفاتر (دار العلم للملايين) يعرف الناظر الى أين بلغ هذا الكتاب من النجاح والرواج. طلبته الجامعات في أمريكا وأوروبا ، واشتراه المستشرقون والمحامون والقضاة وغيرهم من شتى الفئات ، ولكن جناب الشيخ الخادش لا يهمه أن ينتشر فقه أهل البيت (ع) ويروج علم الإمام الصادق ، وكل همه واهتمامه أن لا يذكر بخير سواه! عافاه الله وشافاه ، وسامحني وإياه.
أجل ، لقد احتكمت في الفقه وأصوله الى ما احتكم اليه الأئمة والأقطاب من الأولين والآخرين ، الى كتاب الله وسنة نبيه الكريم وما يرجع اليهما ، فإن كان عند الشيخ ما وراء ذلك من شيء فليدلنا عليه!
وبعد ، فإن كان شيء يسوغ نسبته إليّ فهو تطوير الأسلوب وأداء الفقه في ثوب جديد يفي بكل متطلبات القارئ المعاصر ، وحتى الآن يتوحد كتابي ويتفرد في هذا الباب. والفضل لمن يخص بفضله من يشاء من عباده والله ذو الفضل العظيم.