هذا الكتاب
أما الغاية من كتابي هذا فهي نفس الغاية من كتاب فقه الإمام : البساطة والتيسير وتمهيد الطريق الواضح أمام الطالب والراغب ، لا الظهور أو الإظهار بالتبحر والتعمق ، على انه يبرز أعمق الأفكار وأشدها صعوبة ، بل ويناقشها أيضا بأسهل عبارة وأيسرها على الأفهام.
إن أكثر من ألّف في علم الأصول كتب وألّف للأستاذ والعالم لا للطالب والمثقف والمتعلم ، وفوق ذلك فإن الكثير منهم كانوا يتصورون ويسجلون على الورق كل ما يمر بخيالهم حتى اللمعة البارقة واللحظة الخاطفة ، وحتى لو كان بينها وبين الفقه واستنباطه بعد المشرقين ... ولا شيء أوسع من الخيال ، وأيضا لا شيء أكثر من أخطائه.
وحاولت ما أمكن أن أقتصر على ما يصدق عليه اسم أصول الفقه وكفى ، ولا أتجاوز هذا الحد إلا بقصد تفهيم الطالب لأهم ما تعرض له الأصوليون ، ولا يعذر في جهله ، وجعلت نصب عيني قوله تعالى : («وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ـ ١٩٠ البقرة» وان انحرفت لغير ذلك فعن غير قصد ، بل بحكم الجو والتربية المدرسية والمشاركة في المهنة .. وأيضا من جملة ما حاولت أن يكون أسلوب هذه الصفحات مثالا يحتذيه أستاذ الأصول على مثال الأستاذ المعاصر كما يفتح مضمونها أمام التلميذ باب الفهم لآراء الأقطاب وعباراتهم المطلسمة.
الاستاذ المعاصر
ولست أعني بالأستاذ المعاصر من يحمل شهادة عليا في التربية والتعليم ، كلا وانما أردت من يحكي للطالب ـ قبل أن يفتح الكتاب ـ ويروي له قصة ما سيلقيه عليه ، ويبين موضوعه وحدوده وما يهدف اليه ، ويحاول جاهدا أن يدخل الطالب في جو الدرس وما يدور حوله من نقاط ومحتويات قبل أن يأخذ بالفروع والتفاصيل.
أما أن يفتتح البيان «بأن قلت قلت» ويفرغ كل ما لديه من كلمات وتصورات