وينصر أمير المؤمنين عليهالسلام ، وهو قوله : ﴿لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ﴾ يعني رسول الله صلىاللهعليهوآله ﴿وَلَتَنْصُرُنَّهُ﴾ يعني أمير المؤمنين عليهالسلام » (١) .
أقول : توضيحه أنّه بعد ما ثبت بآية المباهلة أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام نفس الرّسول صلىاللهعليهوآله ، ثبت أنّ نصرته نصرة الرسول صلىاللهعليهوآله ، مضافا إلى أنّه لا معنى لنصرته إلّا نصرة دينه ، ولا شبهة أن نصرة عليّ عليهالسلام نصرة دين الرّسول.
عن الباقر عليهالسلام قال : « قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : إنّ الله أحد واحد تفرّد في وحدانيّته ، ثمّ تكلّم بكلمة فصارت نورا ، ثمّ خلق من ذلك النّور محمّدا صلىاللهعليهوآله وخلقني وذرّيّتي ، ثمّ تكلّم بكلمة فصارت روحا فأسكنه الله في ذلك النّور ، وأسكنه في أبداننا ، فنحن روح الله وكلماته ، فبنا احتجب عن خلقه ، فما زلنا في ظلّة (٢) خضراء ، حيث لا شمس ولا قمر ولا ليل ولا نهار ولا عين تطرف ، نعبده ونقدّسه ونسبّحه ، وذلك قبل أن يخلق خلقه.
وأخذ ميثاق الأنبياء بالإيمان والنّصرة لنا ، وذلك قوله عزوجل : ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ﴾ يعني لتؤمننّ بمحمّد صلىاللهعليهوآله ولتنصرنّ وصيّه ، وسينصرونه جميعا ، وإنّ الله أخذ ميثاقي مع ميثاق محمّد صلىاللهعليهوآله بنصرة بعضنا [ لبعض ] .
وقد نصرت محمّدا ، وجاهدت بين يديه ، وقتلت عدوّه ، ووفيت لله بما أخذ عليّ من الميثاق والعهد والنّصرة لمحمّد صلىاللهعليهوآله ، ولم ينصرني أحد من أنبياء الله ورسله ، وذلك لمّا قبضهم الله إليه ، وسوف ينصرونني ويكون لي ما بين مشرقها ومغربها ، وليبعثهم الله أحياء ، من آدم إلى محمّد صلىاللهعليهوآله كلّ نبيّ مرسل ، يضربون بين يدي بالسّيف هام الأموات والأحياء والثّقلين جميعا.
فيا عجباه ! وكيف لا أعجب من أموات يبعثهم الله أحياء ، يلبّون زمرة زمرة بالتّلبية : لبّيك لبّيك يا وليّ (٣) الله ، قد أظلّوا بسكك الكوفة ، قد شهروا سيوفهم على عواتقهم ، يضربون بها هام الكفرة وجبابرتهم وأتباعهم من جبابرة الأوّلين والآخرين ، حتّى ينجز الله ما وعدهم في قوله تعالى : ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً﴾(٤) أي يعبدونني آمنين لا يخافون أحدا في عبادتي ، ليس عندهم تقيّة ، وأنّ لي الكرّة والرّجعة (٥) ،
__________________
(١) تفسير القمي ١ : ١٠٦ ، تفسير الصافي ١ : ٣٢٥.
(٢) في النسخة : ظلمة.
(٣) في تفسير الصافي : داعي.
(٤) النور : ٢٤ / ٥٥.
(٥) في تفسير الصافي : الكرة بعد الكرة والرجعة بعد الرجعة.