وعلم ، فأشخص إليه عبد الرحمن بن أبي ليلى ، وأوصاه أن لا يقبِّح له رأيه في أمر حجر ، وتوعّده بالقتل إن فعل ، قال ابن أبي ليلى : فلمّا دخلت عليه رحَّب بي وقال : اخلع ثياب سفرك والبس ثياب حضرك ، ففعلت وأتيته ، فقال : أما والله لوددت أنّي لم أقتل حجرًا ، وودت أنّي كنت حبسته وأصحابه أو فرَّقتهم في كور الشام فكفتنيهم الطَّواعين ، أو مننت بهم على عشائرهم. فقلت : وددت والله أنّك فعلت واحدة من هذه الخلال ، فوصلني ورجعت وما من شيء أبغض إلىَّ من لقاء زياد ، وأجمعت على الاستخفاء ، فلمَّا قدمت الكوفة صلّيت في بعض المساجد ، فلمّا انفتل الإمام إذا رجل يذكر موت زياد ، فما سررت بشيء سروري بموته»(١) يبدو أنّه في وفادته تلك أراد معاوية التشكيك بنسبه إذ سأله غير مرّة عنه وهو يذكره له حتّى قال له : إنّ نسبنا «قبس في وجوهنا تضيء عنده»(٢) ، وتذهب رواية ذكرها ابن عساكر أيضاً إلى أنّ أباه من رقيق العرب(٣). وأزعم أنّها من الفرى التي لحقت ببعض محبّي الإمام دفعها ابن الأثير بقوله : «وكان عبد الرحمن إذا دعي الفقهاء دعي معهم ، وإذا دعي الأشراف دعي معهم ، فهذا يدلّ على أنّه غير مولى ، لأنّ الموالي لم يكونوا أشرافاً»(٤).
__________________
(١) أنساب الأشراف : ٢٦٧.
(٢) تاريخ مدينة دمشق ٣٦/٧٨ برقم ٣٩٩٧.
(٣) تاريخ مدينة دمشق ٣٦/٨١ برقم ٣٩٩٧.
(٤) أسد الغابة ٢/١٣٠.