وبسبب من الدعاية الأموية التي أرادت الإساءة لأمير المؤمنين عليهالسلام بعد رحيله كان عبد الرحمن مع الصفوة من أصحابه الذين حاولوا ردَّ كيد الكائدين إلى نحورهم ، وقد ذكر الطبري أنّ الأعمش حدّث عن عمرو بن مرَّة أنّه كان إذا سمعهم يذكرون عليّاً وما يحدِّثون عنه قال : «قد جالسنا عليّاً وصحبناه ، فلم نره يقول شيئاً ممّا يقول هؤلاء. أولا يكفي عليّاً أنّه ابن عمّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ، وختنه على ابنته ، وأبو حسن وحسين ، شهد بدرًا والحديبية»(١). وقال : «صحبت عليّاً في الحضر والسفر ، وأكثر ما يتحدّثون عنه باطل»(٢).
ولم أقف له على خبر إبّان الأحداث التي عصفت بالكوفة بعد استشهاد أمير المؤمنين عليهالسلام ، ولا يبعد عن الظنّ أنّه هُجِّر منها مع من هجِّر إلى خراسان أو إلى غيرها ، ولا يدرى متى عاد إلى الكوفة ، ولكنّه كان بها قبل ولاية الحجّاج على العراق سنة خمس وسبعين ، والظاهر أنّ الحجّاج لم يكن على بيّنة من ولائه ، فأراد أن يولّيه القضاء ؛ فقال له حوشب ، وكان على شرطته : «إذا كنت تريد أن تبعث علي بن أبي طالب على القضاء فافعل»(٣). وقيل : إنّه استعمله ثمّ عزله(٤). ولا شكّ في أنّه حين علم بولائه أراد الانتقام منه ، فقد
__________________
(١) الطبقات ٦/١١٣.
(٢) سير أعلام النبلاء ٤/٢٦٤ برقم ٩٦.
(٣) الطبقات ٦/١١٢.
(٤) سير أعلام النبلاء ٤/٢٦٣ برقم ٩٦.