أو كانوا يريدون أن يقولوا بأنّ ما أتى به محمّد من عند الله هو أهمّ من نفسه الكريمة(صلى الله عليه وآله) ، فيلزم عليهم الأخذ بما أتى به من الذكر الحكيم لا بما قاله(صلى الله عليه وآله) تفسيراً وتأويلا ، لكون القرآن حمّال ذو وجوه ـ حسب تعبير الإمام عليّ عليهالسلام ـ وأنّ الاكتفاء بالقرآن دون تفسيره وتبيانه من قبل رسول الله(صلى الله عليه وآله) سيفتح المجال لدخول الرأي في القرآن حسب اعتقاد الإمام وبعض الصحابة.
وعمليّتهم هذه(١) كانت تدعو إلى التنصّل عن أوامر الرسول(صلى الله عليه وآله) ، حين نعلم أنّ طاعته هي طاعة لله ، ومعصيته هي معصية لله ، ولا اختلاف بين كلامه(صلى الله عليه وآله) وبين ما أتى به ، لقوله تعالى (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى).
لكن الآخرين وبقولهما الآنف قد حجّموا الرسول(صلى الله عليه وآله) والرسالة ، وقد يكونوا يعنون في أُطروحتهم هذه القول بأنّ القرآن هو أهمّ من رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، والصلاة أهمّ من الرسول(صلى الله عليه وآله) ، لأنّ الرسول(صلى الله عليه وآله) ـ بعقيدتهم ـ يخطئ ويسهو ، لكن القرآن معصوم ، فيجب الاكتفاء بالقرآن دون السنّة ، وذلك لخطأ رسول الله(صلى الله عليه وآله) في معرفة الموضوعات الخارجية كتأبير النخل(٢) وأمثالها.
وسهوه(صلى الله عليه وآله) في الأحكام الشرعية ، فلو كان يسهو فلا يجب اتّباعه(صلى الله عليه وآله) فيما يقوله من الأحكام! على أنّ هذه الرؤية تخالف القرآن ولا يرتضيها
__________________
(١) أي الاكتفاء بالقرآن دون السنّة.
(٢) انظر الخبر في شرح مشكل الآثار ٤ / ٤٢٣.