نعم إنّ ارتباط عمر مع اليهود قبل الإسلام قد أثّر عليه حتّى طلبوا منه أن يطالب النبيّ(صلى الله عليه وآله) بتبنّي توراتهم المحرّفة وأن يستزيد من علومها!! وهذا الاقتراح من عمر آذى رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، وكان عليه أشدّ من الشفار وأمرّ من طعم العلقم.
فقد يكون هذا التصريح من عمر جاء على أثر تلك الصدمة التي مني بها أيّام رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، أي أنّه أراد أن يُعَدّل موقفه فوقع فيما هو أكبر منه ، وقد يكون منعه من تدوين الحديث لخوفه من أهل الكتاب! لأنّهم كانوا يقرؤون في توراتهم ولا يحفظونها ، ويرجّحون قول أحبارهم على التوراة ، أي أنّ الكتابة كانت رائجة عندهم لا المحفوظات.
فالخلفاء خافوا أن ينتهج المسلمون هذا المنهج ، وأن يهتمّوا بالمكتوب تاركين المحفوظ فدعوا إلى الحفظ بعيداً عن الكتابة ، وبعبارة أوضح حصلت حالة الإفراط والتفريط في مسألة الكتابة والحفظ.
فأتباع مدرسة الخلفاء كانوا يدعون إلى الحفظ ، وقد فسّروا النصوص الآتية في جمع الصحابة للقرآن بأنّه جمع حفظ في الصدور لا كتابة في السطور ، مؤكّدين ـ أُولئك العلماء ـ لزوم ضبط القراءة بواسطة الشيخ القارئ ، أي أنّهم ولحدّ هذا اليوم يهتمّون بالحفظ والمشيخة أكثر من التدوين والكتابة.
بعكس الفريق الآخر الذي يعتقد بوجود مصاحف على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله) وكتبة له ، ووجود فضيلة لمن يقرأ القرآن في المصحف ...
فقد يكون النبيّ بغضبه على عمر وتغيّر وجهه أراد أن يُفهمه بأنّ ما