ولا يستبعد أن يكونوا قد جاءوا بهذا التعليل(١) في الأزمنة المتأخّرة كي يعذروا الخلفاء في مخالفاتهم لأوامر رسول الله (صلى الله عليه وآله).
فنحن من خلال التأكيد على هذه الأُمور نريد القول أنّ عمر بن الخطّاب كان لا يرتضي جعل القرآن بجنب السنّة أو بجنب العترة ، لما عرفت من موقفه من أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأقواله على أنّها تشابه أقوال وأفعال أحبار أهل الكتاب.
وأنّ دعوته المسلمين إلى عدم التشبّه ببني إسرائيل الذين اتّبعوا كتب علمائهم وتركوا التوراة ، كان يريد من خلالها الاكتفاء بالقرآن الكريم وترك الأخذ بحديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) والعترة.
إنّ عمر بن الخطّاب هو أوّل من شرّع مخالفة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ـ خلافاً للقرآن ـ داعياً إلى الاكتفاء بالقرآن دون السنّة ، وقد تبعه في ذلك بعض الأصحاب ، ويمكن أن ندّعي أنّ أمثال عمرو بن العاص ـ كانوا قد اتّبعوا عمر ـ عند رفعه المصاحف أمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، فكانت سياسة عمرو بن العاص متّخذة من سياسة عمر في حسبنا كتاب الله.
في حين أنّ هذا التفكير خاطئ في المنهج القرآني ، إذ أنّ كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يجوز مخالفته ولا يمكن مقارنة كلامه (صلى الله عليه وآله) بكلام أحبار اليهود ، وأنّ رابطة القرآن بالسنّة تختلف عن رابطة الأحبار بالتوراة وأنّ التشبيه
__________________
(١) أي أنّ أوامر الرسول ارشادية لا مولوية.