الخلافة العبّاسية زمن خلافة المعتصم بن هارون الرشيد ، الذي تولّى الخلافة بعد وفاة أخيه المأمون سنة (٢١٨هـ).
وكان السبب في انتقال مقرّ الخلافة من بغداد إلى مدينة سامرّاء هو كثرة جند الخليفة «حيث كانت أكثرية جنده من الأتراك الذين ضاقت بهم بغداد بعد أن آذوا سكّانها ، لذلك فكّر المعتصم بالانتقال منها واختيار موضع سامرّاء ؛ ليكون مقرّاً له ولجنده ... فاستقرّ رأيه سنة (٢٢١ هـ) على أن يشيّد مدينة المعتصم نسبة إليه ، أو مدينة القاطول نسبة إلى نهر القاطول ... واستقدم المعتصم العمّال المهرة والفنّيين من أنحاء البلاد الإسلامية لتشييد العاصمة العبّاسية ـ الجديدة ـ ... فأصبحت المدينة هذه من أجمل المدن التي أنشأها الحكّام المسلمون ، وضمّت أجزاءً خاصّة لسكن فرق الجيش وموظّفي الدولة وعامّة الناس وأطلق عليها اسم سامرّاء (سُرَّ مَنْ رأى) ، وكانت في أيّام ازدهارها سيّدة مدن العالم»(١).
إلاّ أنّ هذه المدينة التي فاجأت العالم بظهورها وجمالها ، فاجأته مرّة أُخرى بكسوفها وأُفولها الدائم ، ولم تستمرّ على حالها سوى نصف قرن من الزمن ، تحوّلت بعدها إلى خرائب وأطلال موحشة! إذ يقول ياقوت الحموي في معجمه وهو يشير إلى خراب سامرّاء : «لم يبق منها إلاّ موضع المشهد ـ ويقصد مشهد الإمامين عليٍّ الهادي والحسن العسكريّ ـ ومحلّة أُخرى بعيدة
__________________
(١) دائرة المعارف الإسلامية الشيعية : ١٣/١٣٧ ، وانظر : د. صالح أحمد العلي ، في كتابه سامرّاء.