منها يقال لها كرخ سامرّاء ، وسائر ذلك خراب بباب يستوحش الناظر إليها بعد أن لم يكن في الأرض كلّها أحسن منها ، ولا أجمل ولا أعظم ولا آنس ولا أوسع ملكاً»(١).
وكان السبب في هذا الأُفول السريع لهذه المدينة الجميلة «نتيجة الوضع المتدهور والاختلاف الواقع في الدولة العبّاسية ، بسبب العصبية التي كانت بين الأُمراء الأتراك المسيطرين على مجريات الدولة آنذاك ، فقد هجرها الخليفة العبّاسي المعتمد سنة (٢٧٩هـ) هجراناً تامّاً ، وانتقل منها إلى بغداد العاصمة العبّاسية القديمة ، ليتّخذ منها مقراً له لستّة أشهر قبل وفاته في السنة نفسها ، وأصبحت سامرّاء وكأنّها لم تكن ، فانقلب ذلك المجهود الجبّار بين عشيّة وضحاها أي بعد انقضاء نحو خمسين عاماً على تأسيسها إلى إطلال ، حيث حكمها ثمانية خلفاء هم : المعتصم باللّه ، والواثق باللّه ، والمتوكّل على الله ، والمنتصر باللّه ، والمستعين باللّه ، والمعتزّ باللّه ، والمهتدي باللّه ، والمعتمد على الله»(٢).
المبحث الثاني : مدينة سامرّاء في دورها الثاني :
لقد انتهت مدينة المعتصم العبّاسي (سر من رأى) إلى الخراب ، ونعب في أرجائها الغراب ، حتّى قال فيها الشاعر عبد الله بن المعتزّ :
__________________
(١) معجم البلدان : ٥/١٢.
(٢) دائرة المعارف : ١٣/١٣٧ ، وللتوسّع انظر : تاريخ الأُمم الإسلامية ـ الدولة العبّاسية.