وشاهد الناس ما لهما من علم وسجايا حميدة ، ومزايا دلّت على أنّهما فرعان من شجرة النبوّة ، ووارثان لذلك العلم الإلهي ، على الرغم من مناوأة العبّاسيّين لهما ، واجتهادهم في منع الناس من الاجتماع بهما ، واجتماعهما بالناس ، ولكنَّ الشمس تفيض على العالم أشعّة تنمي الضرع والزرع ، وإنَّ حالت السحب دون ذلك الشعاع».
ثمّ يستشهد هذا الكاتب بما ورد في التاريخ فيقول : «ويشهد لظهور التشيّع في سامرّاء ـ ذلك اليوم ـ ما ذكره اليعقوبي في تاريخه عن حوادث (٢٥٤ هـ) ، ووفاة الإمام الهادي عليهالسلام فيها ، قال : «فَصُلّي عليه في الشارع المعروف بـ : (شارع أبي حمد) ، فلمّا كثر الناس واجتمعوا كثر بكاؤهم وضجّتهم ، فردّ النعش إلى داره فدفُن فيها». وهكذا ذكر غيره عند وفاة ولده أبي محمّد الحسن عليهالسلام.
ثمَّ يتحدّث عن أسباب تضاؤل التشيّع بعد ذلك فيقول : «ومازال التشيّع فيها ـ أي سامرّاء ـ راسخ القدم ، إلى أن حاربه الأيّوبي في تلك الجهات ، واقتفى أثره بعد أمد بعيد السلطان سليم العثماني وجرت على ذلك السياسة العثمانية من بعده. ولو لم يكن إلاّ (مراد الرابع) محارباً للشيعة في هذه المناطق البعيدة عن المجتمع الشيعي لكفى في إخفاء التشيّع ، وهروب الظاهرين من رجاله. ولقد نزح عنها ثلّة من الناس هرباً بأرواحهم ، وكان منهم سدنة ذلك الحرم المقدّس»(١).
__________________
(١) تاريخ الشيعة : ١٠١ ـ ١٠٣.