من أبوين كريمين تربط بينهما أواصر القربى ، ويوحّد نسبهما كرم العرق ، فأبوه الشريف يوسف بن الشريف جواد بن الشريف إسماعيل ، وأمّه البرّة (الزهراء) بنت السيّد هادي بن السيّد محمّد علي ، منتهين بنسب قصير إلى شرف الدين أحد أعلام هذه الأسرة الكريمة.
تقدّم في مراحله الدراسية حتّى ارتاضت له الحياة العلمية على يد الفحول من أقطاب العلم في النجف الأشرف وسامرّاء من أعلام الدين وأئمّة العلم ،وحين استعلن نضجه ولمع فضله في دورات البحث ومجال المذاكرة والتحصيل عاد في الثانية والثلاثين من عمره إلى جبل عامل ـ جنوب لبنان ـ موقوراً مشهوراً ، وكان يوم وصوله يوماً مشهوداً.
وابتدأت في عاملة حياة جديدة وكانت يومئذ إقطاعيّات منكرة ، لاتملك العامّة معها من أمر نفسها شيئاً ، ولا تفهم من الحياة في ظلّها غير معناها المرادف للرقّ والعبودية ، فلمّا استقرّ به المقام في عاملة لم يستطع إقرار هذا النظام لذلك ثار وأنكر عليهم ، وكان لمنابره البليغة ولأساليب إرشاداته البارعة أكبر الأثر في تحقيق إصلاحه المنشود ، ولا غرو فإنّ للسيّد المؤلّف مقاماً خطابياً يغبطه عليه خطباء العرب ، ويعتزّ به الدين والعلم والأدب.
من هذا وذاك علقت به النفوس ، واجتمع عليه الرأي ، فقاد للخير وابتغى المصلحة ، وتكاملت له زعامة عامّة ، ولم تكن هذه الزعامة مرتجلة مفاجئة ، بل كانت عروقها واشجة الأصول ، عميقة الجذور ، تتصل بالأعلام من آبائه ، والغرّ من أعمامه وأخواله.