قال أبوهريرة إنّه حضرها ولم يحضرها واستنتج المؤلّف من ذلك كلّه جرأته على الوضع كما روى إنكار السلف عليه كثرة أحاديثه واتّهامه بالاختلاق.
والبحث طويل يقع في نحو ٣٣٠ صفحة وجديد في بابه في الجرأة تحكيم العقل ، قد سبق المعتزلة وخاصّة النظام بمثل هذا النقد ولكنّهم لم يبلغوا هذا المبلغ في التفصيل والجرأة والصراحة ونحن نقدّر للمؤلّف جهده الكبير وتحليله المفصّل الدقيق واطّلاعه الواسع ونظرته الشاملة في الموضوع لكن قد نأخذ عليه أشياء منها :
(١) أنّه لم يدقّق ـ كثيراً ـ فيما وضع على أبي هريرة من حديث وما رواه أبو هريرة نفسه ، فقد يكون أبو هريرة مظلوماً في بعض ما نسب إليه ودسّ عليه انتهز الناس فرصة إكثاره من رواية الحديث ، فأكثروا عليه.
(٢) ومنها أنّنا إن حمدنا للمؤلّف الفاضل تحكيم العقل الصرف في الأحاديث ـ وهو مبدأ يحتاج إلى أن نفرد له بحثاً خاصاً ـ فإننا نرجو أن يكون هذا المبدأ عنده عام شاملا لا يطبّق على أبي هريرة وحده لأنّه لم يكن من شيعة الإمام عليّ رضي الله عنه ، بل يطبّق على الجميع على السواء ، سواء كانوا من شيعة الإمام أو من خصومه وسواء كانوا من أهل السنّة أو الشيعة ، فلا يوزن الحقّ بميزانين ، فإن تعرّض مؤلّف لتحكيم العقل في بعض آراء الشيعة اتّهم بأشنع التهم وإن تعرّض لأهل السنّة استحسن ذلك منه ، فالحقّ لا يعرف مذهباً ، والبرهان إن طُبِّق يجب أن يُطَبَّق على الجمع. وهذا هو رجاؤنا في المؤلّف الفاضل.