وليس يقبح في العقول مع الإيثار أو الإختيار أن يسمّى بالإمامة من لايستحقّها ، وأن يطاع ويُقتدى من لم يستكمل له شرائط الإمامة ، فإذا أباحت الضّرورة ما كان لا يجوز مع الإيثار والإختيار [في القول إباحته ، كيف لا تبيح الضرورة ما كان يجوز في العقول مع الإيثار في القول](١) استباحته ، ومن حمل نفسه من أصحابنا على إنكار هذه المصاهرة كمن حمل نفسه على إنكار كون رقيّة وزينب بنتي رسول الله (صلى الله عليه وآله) في دفع الضرورة والإشمات بنفسه أعداءه ، والتّطريق عليه لمن لايعلم حقائق الاُمور أنّه في كلِّ مذاهبه وإعتقاداته على مثل هذه الحالة التي لاتخفى على العقلاء صورة مرتكبها.
فأمّا من قال من جهّال أصحابنا أنّ العقد وقع ولكنّ الله عزّ وجلّ كان يعدل هذه المعقود عليها بشيطانة عند القصد إلى التمتّع بها ، فممّا يضحك الثكلى ؛ لأنّ المسئلة باقية في العقد لكافر ، سواءٌ تمتّع أو لم يتمتّع ، فما يعتذر به من إيقاع العقد لكافر على مؤمنة هو المطلوب منه ، فلا معنى لذكر المنع من التمتّع ، وكيف يبيح بالعقد المبيح للتمتّع من لا يجوز مناكحته لولا عقد النكاح له ، فإذا أباحه بالعقد الواقع التمتّع فكيف منعه ممّا يقتضيه العقد ، والمنع من العقد أولى من إيقاعه والمنع من مقتضاه ، وإنّما أخرج إلى ذلك العجز عن ذكر العذر الصحيح ، وهذه جملة مغنية عمّا سواها بإذن الله تعالى»(٢).
__________________
(١) ما بين المعقوفين من المنتظم ، جئنا به لاستقامة العبارة.
(٢) لم أعثر على الرسالة ونقل بعضها في رسائل الشريف المرتضى ٣/١٤٨ ـ ١٥٠ ؛ ونقلها عنه كاملة ابن الجوزي في المنتظم ١٥/٢٩٥ ـ ٢٩٩.