ثمّ ارتحل إلى النجف الأشرف ولم يلبث فيها إلاّ قليلاً ، ثمّ انتقل إلى كربلاء.
وكان نزول الوحيد البهبهاني بهذه المدينة إيذاناً بمرحلة جديدة في الاتجاه الأصولي والاجتهاد ومواجهة المدرسة الأخبارية ، ونجح الوحيد في رسالته العلمية وأبرز الاتّجاه الأصولي واستقطب خيرة تلامذة الشيخ يوسف البحراني وجمعهم حوله ، وانحسرت الحركة الأخبارية وانزوت ولم تستعد نشاطها بعد ذلك التاريخ(١).
ولعلّ المدّة الطويلة التي قضّاها المحقّق الوحيد في مدينة بهبهان ـ وهي يومئذ معقل علماء الأخبارية ـ قد مكّنته من الاطلاع الكافي على مباني وإشكالات التيّار الأخباري ، وحينما لمس عن قرب خطورة هذا التوجّه ، استعدّ لمواجهته بكلّ ما يملك من إمكانات على صعيد البحث النظري أو العملي.
«نقل السيّد مهدي القزويني إنّ البهبهاني في بادئ نشأته كان إخباريّاً نظراً لغلبة هذا التيّار على البيئة الإيرانية ، وكان أُستاذه صدر الدين الكاظمي (ت ١١٦٤ هـ) من العلماء الأصوليّين ، وبعد مناقشات بينهما تحوّل التلميذ البهبهاني أُصوليّاً ، والأُستاذ إخباريّاً»(٢).
__________________
(١) مقدّمة الرياض : ١ / ٩٦.
(٢) المرجعية الدينية : ١٨٠ عن السيّد مهدي القزويني في كتابه الاستعداد لتحصيل ملكة الاجتهاد ، الورقة (٥١) مخطوط.