إنّ أحد المباني والثوابت الأساسية للأخباريّين هي أنّ المخاطب الأصلي والأساسي للقرآن هم أهل البيت عليهمالسلام ، وهم فقط الرهط الذين يدركون معنى الآية وما المراد منها ، فمن هذا المنطلق كثيراً ما استند هؤلاء على الرواية الشيعية المعروفة «إنّما يعرف القرآن من خوطب به» ، وبناءً على الاستدلال الأخباري بهذه الرواية فإنّه لا أحد يستطيع أن يفسّر القرآن غير الأئمّة عليهمالسلام ، فمن هذا المنطلق فإنّ مبناهم الأصلي في تفسير القرآن هو عرض التفسير الصحيح الذي يعتمد على روايات أهل البيت عليهمالسلام(١).
إنّ من بين أهمّ الأمور التي كانت تقلق المفسّرين في تلك الحقبة هو شعورهم بأنّه بالرغم من وجود العدد الهائل من الروايات الواردة عن أهل البيت عليهمالسلام في مجال تفسير الآيات القرآنية إلاّ أنّ تفاسير أهل السنّة كانت بعيدة كلّ البعد عن مثل تلك الروايات ، وممّا يزيد في الطين بلّة إنّ التفاسير الشيعية المعروفة في ذلك الزمان ـ التبيان ، روض الجنان ، مجمع البيان و... ـ أخذت تنحى منحى نحو اتّخاذ الأسلوب السنّي في التفسير حتّى أنّها كانت تخلو من روايات الأئمّة عليهمالسلام وتعتمد على أقوال الصحابة والتابعين وآراء
__________________
وآله عليهمالسلام ، ما نزل من القرآن في أهل البيت عليهمالسلام ، تأويل ما نزل في شيعتهم ، تأويل ما نزل في أعدائهم وهي كلّها منسوبة لابن ماهيار ، وما نزل من القرآن في الخمسة للجلودي (انظر : الذريعة ٣/٣٠٣ ـ ٣٠٦ ، ١٩/٢٩ ـ ٣٠).
(١) إنّ كلام الفيض الكاشاني في مقدّمة تفسير الأصفى (١ ـ ٢) صريحٌ جدّاً في هذا الشأن : «وإنّما معوّلي فيه على كلام الإمام المعصوم من آل الرسول ، إلا فيما يشرح اللغة والمفهوم وما إلى التفسير يؤول .... فعلى من نعوّل ، إلاّ عليهم؟ وإلى من نصير إلاّ إليهم؟ لا والله لا نتّبع إلاّ أخبارهم ولا نقتفي إلاّ آثارهم».