متكلّمي المعتزلة في تفاسيرهم.
إنّ كلام الفيض الكاشاني في مقدّمة تفسيره الصافي(١) لهو خير دليل على وجود الخلأ وشعور العلماء آنذاك بالحاجة الماسّة لمثل هذا الأسلوب من التفسير حيث قال : «وبالجملة لم نر إلى الآن مع كثرتهم وكثرة تفاسيرهم من أتى بتصنيف تفسير مهذّب صاف واف كاف شاف يشفي العليل ويروي الغليل ، يكون منزّهاً عن آراء العوام مستنبطاً من أحاديث أهل البيت عليهمالسلام» ، كذلك انتقد الفيض الكاشاني صراحة المفسّرين السلف وذلك لاعتمادهم على تفسير الصحابة والتابعين مثل أبي هريرة ، أنس بن مالك ، ابن عمر وحتّى الصحابة من أمثال ابن مسعود وابن عبّاس ، وكان يعتقد أنّ التفسير الصحيح هو محض التفسير المستند إلى روايات أهل البيت عليهمالسلام(٢) ، وبهذا نراه قد أطلق اسم الصافي على أحد تفاسيره وذلك بمعنى «المنزّه من شوائب آراء أهل السنّة» على حدّ قوله (الصافي ١/١٤).
فعلى هذا فإنّ الطريقة المتّبعة للتفاسير في تلك الحقبة هي مراجعة أقدم المتون الروائية والتفسيرية الشيعية وجمع روايات الأئمّة عليهمالسلام والواردة في
__________________
(١) الصافي ١ / ١١.
(٢) «فعمدوا إلى طائفة يزعمون أنّهم من العلماء ، فكانوا يفسّرونه لهم بالآراء ويروون تفسيره عمّن يحسبونه من كبرائهم مثل : أبي هريرة وأنس وابن عمر ونظرائهم ، وكانوا يعدّون أمير المؤمنين عليهالسلام من جملتهم ويجعلونه كواحد من الناس ، وكان خير من يستندون إليه بعده ابن مسعود وابن عبّاس ممّن ليس على قوله كثير تعويل ولا له إلى لباب الحقّ سبيل ، وكان هؤلاء الكبراء ربّما يتقوّلونه من تلقاء أنفسهم غير خائفين من مآله وربّما يسندونه إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله)». التفسير الصافي ١/١٠