منها ـ أي مدينة الحلّة ـ إلى مدينة كربلاء ، مشهد الحسين بن عليّ عليهماالسلام ، وهي مدينة صغيرة ، تحفّها حدائق النخل ، ويسقيها ماءُ الفرات ، والروضة المقدّسة داخلها ، وعليها مدرسة عظيمة وزاوية فيها الطعام للوارد والصادر. وعلى باب الروضة الحجاب والقومة ، لا يدخل أحد إلاّ عن إذنهم ، فيقبّل العتبة الشريفة وهي من الفضّة ، وعلى الضريح المقدّس قناديل الذهب والفضّة ، وعلى الأبواب أستار الحرير ...»(١).
وبعد هذا التاريخ توالت عمارات أخرى للمرقد الشريف(٢) ، وتوسّعت معها مدينة كربلاء حتّى أصبحت من المدن الواسعة المترامية الأطراف ، ولم يكدّر صفو هذه المدينة سوى الهجمة الوهّابية التي قادها سعود بن عبد العزيز الوهّابي النجدي سنة (١٢١٦ هـ) ، إذ جهّز جيشاً من أعراب البادية وحاصر مدينة كربلاء مغتنماً فرصة غياب جلّ الأهلين في النجف لزيارة الغدير ، ثمّ دخلها يوم (١٨ ذي الحجّة) عنوة وأعمل في أهلها السيف ، فقتل منهم ما بين أربعة آلاف إلى خمسة آلاف ... ونهب البلد ، ونهب الحضرة الشريفة ، وأخذ جميع ما فيها من فرش وقناديل وغيرها ، وهدم القبر الشريف ، واقتلع الشبّاك الذي عليه ... ثمّ كرّ راجعاً إلى بلده»(٣).
__________________
(١) رحلة ابن بطوطة : ٢٣٣.
(٢) أنظر : أعيان الشيعة : ٢ / ٤٦٠ ـ ٤٦١.
(٣) المرجع نفسه : ٢ / ٤٦١ ـ ٤٦٢. وأنظر : أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث : ٢٦٠ ـ ٢٦٢.