الفصل الثاني
حوزة كربلاء في أدوارها الثلاثة
الدور الأوّل :
دور التكوين والانطلاق العلمي :
لقد شهدت مدينة كربلاء ومنذ أن تمصّرت وأصبحت مدينة لها معالمها العمرانية والحضارية ، نشاطاً علميّاً ملحوظاً ، وازدهرت فيها حركة فقهية وأدبية ، وشهدت حضوراً علمائيّاً مكثّفاً ، كان من بينهم كبار العلماء والفقهاء ممّن تُشدّ إليهم رحال طلاّب العلم ، حتّى أنّها أصبحت الحوزة العلمية الرئيسيّة عند الشيعة في حقبة من الزمن كما سوف يأتينا لاحقاً.
والذي يظهر من بعض النصوص التاريخية ، أنّ مشهد الإمام الحسين عليهالسلام اتّسعت رقعته ، وكثر سكّانه في القرن الرابع للهجرة ... ففي سنة (٣٧١ هـ) ورد مشهد الحسين عليهالسلام عضد الدولة البويهي فزار وتصدّق وأعطى الناس على اختلاف طبقاتهم ، وجعل في الصندوق دراهم ففرّقت على العلويّين فأصاب كلّ واحد منهم إثنان وثلاثون درهماً ، وكان عددهم ألفين ومائتي اسم ، ووهب العوام والمجاورين عشرة آلاف درهم وفرّق على أهل المشهد من الدقيق والتمر مائة ألف رطل ، ومن الثياب خمسمائة قطعة ، وأعطى الناظر