بالاتّصاف بهذه الأوصاف ، وإن ناقش بعضهم بعضاً في جزئيّات المسائل واختلفوا في تطبيق تلك الدلائل.
وحينئذ فالأوْلَى والأليق ـ بذوي الإيمان ، والأحرى والأنسب في هذا الشأن ـ هو أن يقال : إنّ عمل علماء الفرقة المحقّة ... إنّما هو على مذهب أئمتهم عليهمالسلاموطريقتهم الذي أوضحوه لديهم ... ولكن ربّما حاد بعضهم ـ إخباريّاً كان ، أو مجتهداً ـ عن الطريق غفلة ، أو توهّماً أو لقصور اطّلاع أو قصور فهم ، أو نحو ذلك في بعض المسائل ، فهو لا يوجب تشنيعاً ولا قدحاً ، وجميع تلك المسائل ـ التي جعلوها مناط الفرق ـ من هذا القبيل.
فإنّا نرى كلاًّ من المجتهدين والأخباريّين مختلفون في آحاد المسائل ، بل ربّما خالف أحدهم نفسه ، مع أنّه لا يوجب تشنيعاً ولا قدحا ، وقد ذهب رئيس الأخباريّين الصدوق رحمهالله إلى مذاهب غريبة لم يوافقه عليها مجتهد ولا إخباري ، مع أنّه لم يقدح ذلك في علمه وفضله.
ولم يرتفع صيت هذا الخلاف ولا وقوع هذا الاعتساف ، إلاّ في زمن صاحب الفوائد المدنية ـ سامحه الله وتعالى برحمته المرضية ـ فإنّه قد جرّد لسان التشنيع على الأصحاب ، وأسهب في ذلك أيّ إسهاب ، وأكثر من التعصّبات التي لا تليق بمثله من العلماء الأطياب ... وكان الأنسب بمثله حملهم على محامل السداد والرشاد إن لم يجد ما يدفع به عن كلامهم