الرأي ، والحدّ من حملاتهم الجارحة ، ومحاكمة الأصوليّين ثمّ محاولة تقليص الخلاف بينهم وبين الأخباريّين.
يقول رحمهالله في المقدّمة الثانية عشرة من مقدّمات الحدائق(١) : وقد كنت في أوّل الأمر ممّن ينتصر لمذهب الأخباريّين ، وقد أكثرت البحث فيه مع بعض المجتهدين من مشايخنا المعاصرين ، إلاّ أنّ الذي ظهر لي بعد إعطاء التأمّل حقّه في المقام وإمعان النظر في كلام علمائنا الأعلام ، هو إغماض النظر عن هذا الباب وإرخاء الستر دونه والحجاب ، وإن كان قد فتحه أقوام وأوسعوا فيه دائرة النقض والإبرام.
أمّا أوّلاً : فلاستلزامه القدح في علماء الطرفين ، والإزراء بفضلاء الجانبين ، كما قد طعن به كلّ من علماء الطرفين على الآخر ، بل ربّما انجرّ إلى القدح في الدين سيّما من الخصوم المعاندين.
وأمّا ثانيا : فلأنّ ما ذكروه في وجوه الفرق بينهما جلّه بل كلّه عند التأمّل لا يثير فرقاً في المقام(٢).
وأمّا ثالثاً : فلأنّ العصر الأوّل كان مملوءاً من المحدّثين والمجتهدين ، مع أنّه لم يرتفع بينهم صيت هذا الخلاف ، ولم يطعن أحد منهم على الآخر
__________________
(١) تضمن كتاب الحدائق للمحدّث البحراني اثنتي عشرة ـ مقدّمة ـ مهمّة «تعكس منهج هذا الفقيه الجليل في الاستدلال الفقهي.
(٢) ربّما تكون هذه الدعوى مبالغة من الفقيه البحراني رحمه الله في ادّعاء عدم الفرق ، بل الفرق او الفروق موجود كما بيّنا ذلك في كتابنا تطوّر حركة الاجتهاد.