بالصّلاة والزّكاة ، ولم تكن نزلت فريضة غيرهما ، ففعلوا (١) .
قال : وروى أصحابنا أنّهم يخرجون مع قائم آل محمّد صلىاللهعليهوآله. وروي أنّ ذا القرنين رآهم (٢) .
وعن الصادق عليهالسلام ، في هذه الآية : « قوم موسى هم أهل الإسلام » (٣) .
وقيل : إنّهم قوم مشوا على دين الحقّ الذي جاء به موسى عليهالسلام ، ودعوا النّاس إليه ، وصانوه عن التّحريف والتّبديل في زمن تفرّق بني إسرائيل وإحداثهم البدع ، ويجوز أن يكونوا أقاموا على ذلك إلى أن جاء المسيح فدخلوا في دينه ، ويجوز أن يكونوا هلكوا قبل ذلك (٤) .
﴿وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ
أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ
مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ الْغَمامَ وَأَنْزَلْنا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ
ما رَزَقْناكُمْ وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (١٦٠)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد بيان حسن حال متّبعي موسى عليهالسلام من بني إسرائيل ، بيّن سوء حال بقيّتهم وكفرانهم النّعم التي أنعمها عليهم بقوله : ﴿وَقَطَّعْناهُمُ﴾ وصيّرناهم شعبا ، فصاروا ﴿اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً﴾ وقبائل ، كلّ قبيلة منهم من نسل ولد من أولاد يعقوب ، يسمّون باسم أبيهم الأعلى ، وجعلناهم ﴿أُمَماً﴾ وجماعات متميّزة.
قيل : إنّه تعالى سمّى كلّ سبط أمّة لكثرة عددهم. وقيل : لأنّ كلّ سبط يؤمّ غير الذي يؤمّ الأسباط الأخر ، بحيث لا يكاد توافقهم في أمر لتباغظهم وتعصّبهم ، فأنعم الله عليهم بهذا التّفريق والتّقطيع لتنتظم أمورهم ويتيسّر عيشهم (٥) .
ثمّ ذكر سبحانه نعمته الأخرى عليهم بقوله : ﴿وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى﴾ في التّيه ﴿إِذِ اسْتَسْقاهُ﴾ وطلب ﴿قَوْمُهُ﴾ منه الماء حين اشتدّ بهم العطش ﴿أَنِ﴾ يا موسى ﴿اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ﴾ - المعهود الذي مرّ بيانه وأوصافه في سورة البقرة (٦) - فضربه بها ﴿فَانْبَجَسَتْ﴾ ونبعت ﴿مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً﴾ بعدد أسباط بني إسرائيل.
قيل : إنّ انبجاس الماء : خروجه قليلا ، وانفجاره : خروجه واسعا ، وكان خروجه من الحجر في
__________________
(١) مجمع البيان ٤ : ٧٥٣ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٤٤.
(٢) مجمع البيان ٤ : ٧٥٣ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٤٤.
(٣) تفسير العياشي ٢ : ١٦٥ / ١٦٣٢ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٤٤.
(٤) تفسير الرازي ١٥ : ٣١.
(٥) تفسير الرازي ١٦ : ٣٣ ، تفسير روح البيان ٣ : ٢٦١.
(٦) تقدّم في تفسير الآية (٦٠) من سورة البقرة.